بسم الله الرحمٰن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام علىٰ خاتم رسل الله.
أما بعد..
سئل أبي رَحِمَهُ اللهُ:
سمعنا أنّ زيارةَ الناسِ بعضهم بعضًا يومَ العيد بدعةٌ، فالرجاء بيان الحكم فيما سَبَقَ مما يتعلّق بزيارةِ الإخوان وما يقوم به الناسُ في الأعياد؟
فأجاب:
فأجاب:
نحن قلنا مرارًا وتكرارًا، ولسنا الآن بحاجة إلىٰ تفصيل ما تَكرَّر، فنقول بإيجاز:
زيارةُ الأحياءِ للأمواتِ يومَ العيد مِن مُحْدَثاتِ الأمور؛ لأنه يَعني تقييدَ ما أطلقه الشارعُ، الشارع الحكيم قال في الحديث الصحيح([1]):
«كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، [أَلَا] فَزُورُوهَا؛ [فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمِ الآخِرَةَ]».
فقوله: «أَلَا فَزُورُوهَا» أمرٌ عامّ، لا يجوز تقييدُه بزمنٍ أو بمكانٍ خاصّ؛ لأن تقييدَ النصِّ أو إطلاقَه ليس مِن وظيفةِ الناس، وإنما هو مِن وظيفةِ ربِّ العالمين الذي كَلَّف رسولَه الكريم، فقال له:
فقوله: «أَلَا فَزُورُوهَا» أمرٌ عامّ، لا يجوز تقييدُه بزمنٍ أو بمكانٍ خاصّ؛ لأن تقييدَ النصِّ أو إطلاقَه ليس مِن وظيفةِ الناس، وإنما هو مِن وظيفةِ ربِّ العالمين الذي كَلَّف رسولَه الكريم، فقال له:
{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44].
فما كان مِن نصٍّ مُطلَقٍ وهو مُقيَّد؛ بيَّنه، وما كان من نص عام وهو مخصَّص؛ خَصَّصه، وما لا؛ فلا، فحينما قال: «أَلَا فَزُورُوهَا» مطلقًا في كلِّ أيامِ السَّنَة، لا فَرْقَ بين يومٍ ويوم، ولا فَرْقَ بين زمَنٍ في يومٍ واحدٍ؛ صباحًا أو مساء، أو ظهرًا، نهارًا أو ليلاً.. إلىٰ آخره.
كذلك نقول: كما أنَّ زيارة الأحياء للأموات يومَ العيدِ خَصّ؛ كذلك زيارة الأحياء للأحياء يوم العيد خَصّ، كزيارةِ الأحياءِ للأموات.
الزيارةُ المشروعة يومَ العيد: هو ما أُلْغِيَ -مع الأسف الشديد- بسببِ تهافُتِ الناسِ علىٰ إقامةِ صلاةِ العيد في المساجد التي يَتفَرَّقون فيها، والواجبُ عليهم جميعًا أن يجتمعوا في المصلَّىٰ، المصلَّىٰ هو خارج البلد، يَتَّسِع لكلِّ أهلِ البلد، وهناك يلتقون، ويُصلُّون صلاةَ العيد، ويتعارفون بطبيعة الحال، عُطِّلتْ هٰذه السُّنّة التي واظَبَ عليها النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ طيلةَ حياته.
وهنا ملاحظة مهمَّة جدًا يجب أن ننتبَّهَ لها، فإننا نَعْلم جميعًا قولَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ:
الزيارةُ المشروعة يومَ العيد: هو ما أُلْغِيَ -مع الأسف الشديد- بسببِ تهافُتِ الناسِ علىٰ إقامةِ صلاةِ العيد في المساجد التي يَتفَرَّقون فيها، والواجبُ عليهم جميعًا أن يجتمعوا في المصلَّىٰ، المصلَّىٰ هو خارج البلد، يَتَّسِع لكلِّ أهلِ البلد، وهناك يلتقون، ويُصلُّون صلاةَ العيد، ويتعارفون بطبيعة الحال، عُطِّلتْ هٰذه السُّنّة التي واظَبَ عليها النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ طيلةَ حياته.
وهنا ملاحظة مهمَّة جدًا يجب أن ننتبَّهَ لها، فإننا نَعْلم جميعًا قولَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ:
«صلاةٌ في مسجدي هٰذا بألفِ صلاة مما سواه من المساجد، إلا المسجد الحرام»([2]).
فمع أنَّ الصلاةَ في مسجِدِه بألف صلاة؛ ما كان يُصلي صلاةَ عيدِ الفطر وعيدِ الأضحىٰ إلا خارجَ هٰذا المسجد، وهو في المصلَّىٰ.
فمع أنَّ الصلاةَ في مسجِدِه بألف صلاة؛ ما كان يُصلي صلاةَ عيدِ الفطر وعيدِ الأضحىٰ إلا خارجَ هٰذا المسجد، وهو في المصلَّىٰ.
لماذا؟
لأنه يريد أن يَجْمَعَ المسلمين في المدينةِ مِن كلِّ مكانٍ مِنَ القُرى التي حولها في مكان واحد يتَّسِع لهم جميعًا.
هٰذه المصليات مع الزمن ومع ابتعادِ الناس عن:
· أولاً: التعرف علىٰ سُنَّة الرسولِ عليه السَّلام.
· وابتعادهم عما بقي عندهم مِن العلم بسُنَّةِ الرسول عليه السَّلام.
· ابتعادهم عن تطبيقها وعن العمل بها.
قنعوا بأن يقيموا صلاةَ العيد في المساجد، كما يَفعلون بصلاةِ الجمعة والصلواتِ الخمس.
أما السُّنّة؛ فاستمرَّ الرسولُ عليه السَّلامُ طيلةَ حياته ما صَلَّىٰ صلاةَ العيد في المسجد ولو مَرَّةً واحدة، وإنما دائمًا يصليها في المصلَّىٰ.
الآن منذ بضع سنين بدأ بعضُ المسلمين في مِثلِ هٰذه البلاد يَفيئون إلىٰ هٰذه السُّنّة؛ سُنَّةِ صلاةِ العيد في المصلَّىٰ.
ولا بد أنكم تَسمعون الآن بأنّ هناك مصلَّيات عديدة يُصلِّي فيها الناسُ بدل أن يصلُّوا صلاة العيد في المساجد.
ولٰكن بقي عليهم شيء واحد، ولعل هٰذه الظاهرة التي أشرتُ إليها مِن خروج الناس مِن المساجد في صلاة العيد إلى المصليات، لعل هٰذه الظاهرة بِشارةٌ إلىٰ أنه سيأتي يومٌ يجتمع المسلمون في مكانٍ واحد، في البلد الواحد، في مصلًّى واحد، كما يفعل المسلمون مِن جميع أقطارِ الدنيا يجتمعون في بلدة واحدة، وهي مكة وما حواليها مِن مِنى ومزدلفة وعرفة ونحو ذلك، ليس لهم بديل عنها، مع أنهم يُعَدُّون بالملايين.
ومهما كثُر الناسُ في البلدة الواحدة؛ فلن يَعجَزوا أبدًا أن يَجتمعوا في أرضٍ في مُصلًّى واحد، لعل خروجَهم الآن مِن المساجد إلى المصليات هو بشيرُ خيرٍ إلىٰ أنهم فيما بَعْدُ إن شاء الله حينما يَفهمون حقيقةَ معنىٰ قولِه عليه السَّلام: « يَدُ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ»([3])، وأنها هي الجماعة التي جمعهم الرسول عليه السَّلام بوسائله المشروعة، مِن تلك الوسائل: المصلَّى الواحد، وليس المساجد، بل ولا المصلَّيات العديدة في البلدة الواحدة.
فإذًا؛ الزيارة هٰذه أو تلك؛ هي مخالِفة للسُّنّة.
الزيارة تكون مشروعة يومَ العيد هو: أن يفِد الناس بجماهيرهم المتكاثِرة إلىٰ صلاة العيد في المصلَّىٰ، ولا شك أنّ الناس هناك سيتزاورون وسيتعارفون أكثرَ مِن هٰذه الزيارة التقليدية؛ لأنه حينما يزورُ بعضُهم بعضًا في العيد في الغالب يَزور بعضُهم مَن يعرفونَ، لٰكن ما أُتيحَتْ لهم الزيارة في أثناء السَّنَةِ، فخصَّصوا هذه الزيارة في يوم العيد، لذٰلك قلنا: زيارةُ الأحياء للأموات ليس مِنَ السُّنِّة في شيء، بل هو مِنَ البدع، وكذٰلك زيارةِ الأحياء للأحياء.
وما معنىٰ هٰذا؟
وما معنىٰ هٰذا؟
يجب أن تكون الزيارة سواءً مِن الأحياء للأموات ليست في السَّنَة مَرةً، وكذٰلك زيارة الأحياء للأحياء؛ ليست في السَّنة مَرة، وإنما يجب أن يستمر؛ لأنه في هٰذه الزيارة -زيارة الأحياء للأحياء- تحقيقَ المودة والتعارُف بين المسلمين، كما قال ربُّ العالمين:
{إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: 13].
أما زيارةُ الأحياء للأموات فيجب –أيضًا- أن تستمرّ؛ لتحقيق الغاية التي مِن أجلها أَمَرَ الرسولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بزيارة القبور بعد أن كان نَهىٰ عنها، ألا وهي قوله عليه السَّلام: «أَلَا فَزُورُوهَا؛ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمِ الآخِرَةَ».
"سلسلة الهدى والنور" الشريط 527 ، الدقيقة ( 00:50:09 )
الرابط الصوتي:
dfdf
وسئل رَحِمَهُ اللهُ حولَ قضية الزيارات يومَ العيد كما يفعل كثيرٌ مِن الناسِ وتخصيصها، فالبعضُ امتنع عن الزيارة بحجة أن هٰذا شيء لم يرد في السُّنّة أو كذا، فما هو القول في هٰذا؟
جواب أبي رَحِمَهُ اللهُ:
نقول: بارك الله في هٰذا البعض، ونسأل اللهَ أن يجعلنا مِن ذاك البعض؛ لأننا نقول دائمًا وأبدًا.. واليوم كنا مع بعض إخواننا في هٰذا الحديث، قلتُ له: يبدو لك -يا فلان!- أنك لم تَسمَع الدعوة الجديدة التي كانت تُذكِّر مِن قديم فتقول أنّ مِنَ البدع الفاشية في هٰذا الزمان هو زيارة الأحياء للأموات، ألم تَسمع الدعوة الجديدة التي هي في أصلها دعوةٌ قديمة، وهي أنَّ زيارةَ الأحياءِ للأحياءِ يومَ العيد بدعة؟
ومِن أجل ذلك قلتُ لأبي (فلان) أولَ الجلوس -لٰكني لاحظتُ أنه ما انتبه، أنا قلتُ-: ما جئتُكَ عائدًا، إنما جئتُكَ زائرًا.
- مِن: عاد يعود، بمعنىٰ: زار...
أبي: الآن رجعتَ إلى اللغة..
- عيادة المريض: عاد يعود..
أبي: وهٰذه اللغة الآن ماذا عرفوها؟ "تعال لنُعيّد علىٰ فلان".
- يعني: نزوره في العيد..
أبي: هٰذا هو؛ فزيارةُ الأحياء للأموات في العيد؛ بدعة.
(انقطاع)... الأحياء هو مِن البدع.
- هٰذا قياس مع الفارق.
أبي: هٰذا ليس قياسًا.
- هناك لا يشعر الميت ولا يستفيد مِن هٰذه الزيارة، أما هنا -الأحياء للأحياء-؛ فهي الصلة وتوادّ وتحابّ.
أبي: يعني أنت لَمّا تزور الأموات لأجل أن يَحُسُّوا بزيارتك؟
- هناك لأجل الدعاء، لٰكن هنا هٰذا يوم عيد وفرح..
أبي: لا، أنا سؤالي مختصر يا أبا (فلان): لَمّا تزور الأموات يومَ العيد؛ تزورهم كي يَحُسُّوا بك؟
- لا... للدعاء لهم.
أبي: وغير أيام العيد؟ تزورهم حتىٰ يَحُسُّوا بك؟
.....
- لا
أبي: طيب؛ فإذًا؛ لماذا لا تزورهم مِن أجل الغاية التي أنت تزورهم في غير العيد، ما دام أنها غاية حَسَنة، فلماذا لا تزورهم في يومِ العيد مِن أجل هٰذه الغاية الحسنة؟
- غاية حسنة هنا؛ لأنها تتنافىٰ مع بهجة العيد وسرور العيد؛ يذهب إلى الأموات.
أبي: هٰذا هو القياس! وهل هٰذا هو الجواب؟! (يَضحَك رَحِمَهُ اللهُ).. الجواب بارك الله فيك..
- إذا كانت .. عادة جيدة؛ تعتبر مِنَ البدع أيضًا؟
أبي: اسمَعْ:
الجواب في موضوع زيارة الأحياء للأموات ليس مِن أجل هٰذا التعليل المنطقيّ بل الفلسفيّ الذي ربما يجيء واحدٌ متفلسِفٌ أكثر منكَ فيَقضي علىٰ فلسفتك، لٰكن الجواب هو:
"لو كان خيرًا لسبقونا إليه"، ما رأيكَ بهذا الجواب؟
- جيد.
أبي: فيه فلسفة؟!
- جيد.
أبي: طيب. "لو كان خيرًا لسبقونا إليه"، نحن الآن لَمّا نقول: زيارةُ الأحياءِ للأموات [في العيد] بدعة، لا يوجد عندنا نصٌّ في السُّنَّة فضلاً عن القرآن الكريم أنّ زيارةَ الأحياءِ للأموات في العيد بِدعة، ما عندنا شيء مِن هٰذا، وهٰذا القول يقال في كلِّ البدع، وهي –مع الأسف الشديد- بالأُلوف المؤلَّفة، كلُّ بدعة يقول فيها الرسولُ عليه السَّلام: «كُلّ بِدْعَةٍ ضَلَالَة»([4]) لا يوجد نصٌّ في أيِّ بدعةٍ عنِ الرسول أنّ هٰذه بدعة، مع ذٰلك؛ العلماء مُجْمِعون على بِدعيَّةِ الأُلوف المؤلَّفة مِنَ الأمورِ الحادِثة بعد الرسول عليه السَّلام.
طيب؛ كيف نقول: هٰذه بدعة، ولا يوجد عندنا نص ببدعيّتها أو بإنكارها؟
بهٰذه الجملة المختصرة التي تدل عليها أدلةٌ مِن الكتاب والسُّنَّة كثيرة، وهي: "لو كان خيرًا؛ لسبقونا إليه".
ومِن الأدلة علىٰ ذٰلك: قوله تعالى:
{وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} [النساء: 115]
إذًا؛ هٰذا غير سبيل المؤمنين -أنّ الناس يَروحون يزورون القبورَ يوم العيد- لم يكن مِن سبيل المؤمنين، إذًا؛ نحن نُلَخِّص هٰذا الدليل وما شابهه مِن أدلة بكلمةٍ لكي نُبعِدَ الناس عن أيِّ مُحْدَثة بقولنا: "لو كان خيرًا؛ لسبقونا إليه".
فالآن؛ زيارة القبور -كمبدأ عام-؛ خير، ولا شك، لٰكن هٰذا المبدأ العام لَمّا خَصَّصه العُرْفُ الخَلَفِيّ بيومِ العيد ولا بد، وأطْلَقُوه في أيام السَّنةِ الأخرىٰ؛ صار بدعةً في الدِّين، ودفعناها بتلك الجملة الطيبة المبارَكة: "لو كان خيرًا؛ لسبقونا إليه".
فإذًا؛ زيارة الأحياء للأموات الأصلُ فيها أنها شَرْعٌ، ولا حاجةَ إلى الأدلة.
كذٰلك نقول: زيارةُ الأحياءِ للأحياء شَرْعٌ، لا يوجد خلافٌ في هٰذا.
فحينما يأتي مَن يُذَكِّر النَّاسَ الغافلين عن هَدْيِهِ عليه السَّلام، وعن هَدْيِ السَّلفِ الذين اتَّبعوه عليه السَّلام بإحسان، فيقول لهم:
زيارةُ الأحياءِ في العيد للأحياء؛ كزيارةِ الأحياءِ في العيد للأموات، لا فَرْقَ بين هٰذا وهٰذا إطلاقًا، إنْ طلبتَ الدليل علىٰ هٰذا؛ نذكّرك بالدليل علىٰ ذاك الذي اتفقنا عليه، وهو: زيارةُ الأحياءِ في العيد للأموات بدعة، نحن -والحمد لله، فيما أظن الآن، هٰذا الجمع القليل الطيب المبارَك إن شاء الله- متَّفقون علىٰ أن زيارة الأحياء في العيد للأموات بدعة، ومُقتَنعِون بها تمامًا، مُنطلقين مِن ذٰلك المنطِق الذي لَخّصناه آنفًا، هٰذا المنطِق ما ينبغي أن نخِلّ به، وأن نُعرِضَ عنه لأننا مغلوبون علىٰ أمرِنا ومعتادون عادةً تُشبِه تلك العادةَ التي اجتمعنا علىٰ إنكارها، وهي أننا اعتدْنا أنْ نزورَ المسلمين بمناسبة العيد، فنقول جازِمين قانِعين تمامًا بأنّ زيارةَ الأحياءِ في العيد للأحياء كزيارةِ الأحياءِ في العيد للأموات، ولا فرْق إطلاقًا.
فأيُّ إنسان يريد أن يقول: "يا أخي! ماذا فيها؟! زيارة الأحياء للأحياء في العيد أمر مشروع"، وكما قيل اليوم: ".. لِزيارة الأرحام"، وصار له سَنَة أو سنتين إلخ ما زارهم، هٰذا وَحْده يكفي لينبِّه علىٰ فسادِ هٰذه الزيارة؛ لأنهم يتواكلون ويتكاسلون عن القيام بواجبِهم، سواء كان بواجب زيارةِ الأحياء للأموات، التي ترقِّقُ القلوبَ وتذكِّر الآخرة؛ لا يفعلونها إلا أيش؟ يومَ العيد! وأيضًا شخص له رحمٌ يريد أن يَصِلَه، يقول: "يلا يلا" إلىٰ أن يجيء العيد، "الزيارة في العيد أفضل، لأنّ الزيارة في الأصل مشروعة، والعيد أيضًا أيامُه فاضلة"، لا؛ "لو كان خيرًا؛ لسبقونا إليه".
فكلُّ ما يُثْبَتُ به البدعةُ الأولىٰ؛ يُثْبَتُ به البدعة الأخرىٰ.
وكلُّ مَن يَعترِضُ على البدعة الأولىٰ؛ يلزمه أن يعترض على البدعة الأخرىٰ.
وكلّ مَن يَشُكُّ في البدعة الأُخرىٰ؛ يجب ويَلزمه أنْ يَشُكُّ في البدعة الأولىٰ، وإلا كان فِكْرُه متناقضًا.
ونسأل الله عَزَّ وَجَلَّ أن يهدينا سواءَ السبيل.
انتهى، "سلسلة الهدى والنور" أواخر الشريط 530 ، وبداية الشريط 531
الرابط الصوتي: