نص الرسالة :
ما هو الإيثار، وما عكسه؟ وما الذي يشمله وقاية شح النفس؟
ت السعدي
الحشر9
~~~~~~~~
قال العلامة السعدي - رحمة الله عليه - في قوله تعالى:
{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر: 9) :
"وقوله: { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } أي: ومِن أوصاف الأنصار التي فاقوا بها غيرهم، وتميّزوا بها على مَن سواهم:
الإيثار، وهو: أكمل أنواع الجود، وهو: الإيثار بمحابّ النفس مِن الأموال وغيرها، وبذْلها للغير مع الحاجة إليها، بل مع الضرورة والخصاصة.
وهذا لا يكون إلا مِن خُلُقٍ زكي، ومحبةٍ لله تعالى مقدَّمةٍ على محبةِ شهواتِ النفس ولذاتها، ومِن ذلك قصة الأنصاري الذي نزلت الآيةُ بسببه، حين آثرَ ضيفَه بطعامه وطعامِ أهله وأولاده وباتوا جياعًا.
والإيثار عكس الأَثَرَة
فالإيثار محمود، والأثرة مذمومة؛ لأنها من خصال البخل والشح.
ومَن رُزق الإيثار؛ فقد وُقي شح نفسه { وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ووقاية شح النفس يشمل: وقايتها الشحَّ في جميعِ ما أمر به، فإنه إذا وُقي العبدُ شحَّ نفسِه:
- سَمَحتْ نفسُه بأوامرِ الله ورسوله، ففعلها طائعًا منقادًا، منشرحًا بها صدره.
- وسَمَحتْ نفسُه بتركِ ما نهى الله عنه، وإن كان محبوبًا للنفس، تدعو إليه، وتطلع إليه.
- وسَمَحتْ نفسُه ببذل الأموال في سبيل الله وابتغاءَ مرضاته.
وبذلك يحصل الفلاح والفوز، بخلاف مَن لم يوق شح نفسه، بل ابتُلي بالشحّ بالخير، الذي هو أصل الشر ومادته". ا.هـ "تيسير الكريم الرحمن" ص851