نصّ السّؤال (رسالة الجوّال)
50 – وضِّحِي تفسيرَ
(لا إلٰهَ إلا اللهُ)
بآياتِ سُورة الزُّخْرُفِ
(26 - 28).
|
البيان
قال الإمام محمَّد بن عبد الوهَّاب رَحِمَهُ اللهُ:
(وَتَفْسِيرُهَا الَّذِي يُوَضِّحُهَا* قَوْلُهُ تَعَالَىٰ:
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ** (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي*** فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ**** (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ***** (28)} (الزُّخْرُف) ).
وجاء في "حاشية ثلاثة الأصول" ص 71 – 73:
"* أََيْ: تَفْسِيرُ (شَهَادَةِ أَنْ لا إِلٰهَ إلا اللهُ) الَّذِي بَيَّنَهَا بَيَانًَا تَامًّا مِنَ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ تَعَالَىٰ بَيَّنَهَا فِي كِتَابِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَلَمْ يَكِلْ عِبَادَهُ فِي بَيَانِ مَعْنَاهَا إِلَىٰ أَحَدٍ سِوَاهُ.
** أَخْبَرَ -تَعَالَىٰ- عَنْ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ وَخَلِيلِهِ إِمَامِ الْحُنْفَاءِ وَوَالِدِ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الأَنْبِيَاءِ أَنَّهُ قَالَ لأَبِيهِ آزَرَ وَقَوْمِهِ أَهْلِ بابِلَ وَمَلِكِهِمُ النَّمْرُودِ -وَكَانُوا يَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ-: {إِنَّنِي بَرَاءٌ} أَيْ: بَرِيْءٌ {مِّمَّا تَعْبُدُونَ} مِنَ الأَوْثَانِ، وَهٰذَا فِي مَعْنَىٰ (لا إِلٰهَ).
*** أََي: ابْتَدَأَ خَلْقِي وَبَرَأَنِي، وَفِيه مَعْنَىٰ (إلا اللهُ).
فَدَلَّتِ الآيةُ عَلَىٰ مَا دَلَّتْ عَلَيهِ (لا إِلٰهَ إلا اللهُ)، وَلِهٰذَا يُقَالُ لِـ (لا) النَّافِيَةِ لِلْجِنْسِ عِنْدَ النُّحَاةِ: لامُ التَّبْرِئَةِ، فَالْخَلِيلُ عَلَيهِ السَّلامُ تَبَرَّأَ مِنْ آلِهَتِهِمْ سِوَى اللهِ، وَلَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ، بَلِ اسْتَثْنَىٰ مِنَ الْمَعْبُودِينَ رَبَّهُ.
**** أََيْ: يُرْشِدُنِي لِدِينِهِ الْقَوِيمِ، وَصِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ، وَقَدْ أَمَرَنَا -تَعَالَىٰ- أَنْ نَتَأَسَّىٰ بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَىٰ:
{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ} (الممتحنة: مِن الآية4).
***** أيْ: وَجَعَلَ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ، وَهِي: (لا إِلٰهَ إلا اللهُ) باقِيَةً فِي نَسْلِهِ وَذُرِّيَّتِهِ يَقْتَدِي بِهِ فِيهَا مَنْ هَدَاهُ اللهُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، {لَعَلَّهُمْ} أََيْ: لَعَلَّ أَهْلَ مَكَّةَ وَغَيْرَهُمْ {يَرْجِعُونَ} إِلَىٰ دِينِ إِبْرَاهِيْمَ الْخَلِيلِ.
وَالْكَلِمَةُ هِي: (لا إِلٰهَ إلا اللهُ)، بِإِجْمَاعِ الْمُفَسِّرِيْنَ.
فَعَبَّرَ عَنْ مَعْنَىٰ (لا إِلٰهَ) بِقَوْلِهِ: {إِنَّنِي بَراءَ مِمَّا تَعْبُدُونَ}.
وَعَبَّرَ عَنْ مَعْنَىٰ (إلا اللهُ) بِقَوْلِهِ: {إلا الَّذِي فَطَرَنِي}.
فَتَبَيُّنَ أَنَّ مَعْنَىٰ (لا إِلٰهَ إلا اللهُ) هُوَ:
الْبَرَاءَةُ مِنْ عِبَادَةِ كُلِّ مَا سِوَى اللهِ، وإِخْلاصُ الْعِبَادَةِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا لِلّهِ، كَمَا تَقَدَّمَ" اﻫ.