الحمدُ لله، والصَّلاةُ والسَّلامُ علىٰ خاتمِ رسلِ الله.
أمّا بعد
فهذه فتوىٰ
لأبي -رَحِمَهُ اللهُ- في مسألةٍ تتعلَّق بأناشيد الزفاف، وقد تضمّنت التعريجَ علىٰ عمومِ مسألةِ ما يُسمَّىٰ
بالأناشيد الإسلاميّة، فرّغتُها -بتصرفٍ يسيرٍ- مِن شريطٍ خاصّ، راجيةً الرحمٰنَ أن ينفع بها:
سألتْ إحدىٰ طالباتِ العلم أبي الإمامَ الألبانيَّ
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ:
في يوم البناء أو يوم العقد تنشد الأخواتُ مع الضربِ
بالدُّفِّ، وهٰذا النشيد بعضُه يَدخل فيه ذِكرُ الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، والصلاةُ عليه، وذِكرُ التّهليل وكذا، فهل هٰذا يُمنع لأنه مشابَهة لِلصُّوفيّة،
أم أنه مُباح لأنَّ الأصلَ -كما نَعلم- أنهم في يوم الخندق كانوا.. [ينشدون]؟
فقال رَحِمَهُ اللهُ:
الجواب: أننا حينما نَتَفقَّهُ في الأحاديثِ التي أَشرْنا
إلىٰ بعضها آنفًا مما فيه التَّرخيصُ بالضَّربِ على الدُّفِّ[1]؛ فذٰلك
مِن بابِ إباحةِ ما أَصْلُه حرامٌ لِمُجَرَّدِ اللَّهوِ المباح، إذا كان الأمرُ كذٰلك؛
فلا يجوز أن نُدْخِلَ فيه العِبادةً المحضةَ التي هي تُشرَع في كلِّ الأوقات
والظروف ويزداد بها المسلمُ تقرُّبًا إلى الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فلا يجوز خلط
الذِّكر باللهوِ، كما يفعل بعضُ غلاة المتصوفة، حيث -مثلًا- يَذكرون اللهَ
ويرقصون! يَذكرون الله ويضربون أيضًا -بعضهم على الأقلّ- على الدُّفِّ، فهذا خّلْطٌ
بين الذكِّر المشروعِ واللَّهوِ الذي يقال عنه في بعض الظروف: المباح، وفي بعض
الظروف: غير المباح.
فمثلًا: خلْط الذكِّر مع الضرب على الدُّفِّ كما تفعل
بعضُ الصوفية، هٰذا خَلْطٌ لِلذِّكر المشروع بالضَّرب على الدُّفِّ المحرَّم، فإذا
افترضنا هٰذه الصورة وهي مِن أقبح الصُّوَر التي دَخلت علىٰ
بعض الناس مِن المسلمين، كما قال العالِم الشاعر:
أيا جِيلَ ابتداعٍ شَــــــــــــرَّ جيلِ * لقد جئتمُ بأمرٍ
مســـــــــــــــــــتحيلِ
أفي القـــــــــــرآنِ قال لَكُم إلٰهي
* كُلُوا مِثْلَ البَهائمِ وارْقُصُوا لي؟!
أي في الذِّكر؛ هٰذا مِن شَرِّ ما جاء به بعضُ المتصوّفة.
وقال قائلُهم -وأظنُّه لابن قيِّم الجوزية رَحِمَهُ
اللهُ[2]-:
مَتَىٰ عَلِمَ النَّاسُ
في دِينِنا ... بأَنّ الغِنَا
سُــــــــــــــــــــــــنَّةٌ تُتَّبَعْ؟!
وأَنْ يأكلَ المرءُ أَكْــــــــلَ الحِما ... رِ وَيَرْقُصَ
في الجَمْعِ حَتَّىٰ يقَعْ؟!
وقَالُوا: سَــــــــــــكِرْنَا بِحُبَّ الإِلٰهِ ... وَمَا
أسْـــــــــــــــــكَرَ القَوْمَ إلَّا القِصَعْ!
كَذَاكَ البَهَائمُ..........
... يُرقصُهَا رِيُّها
والشِّــــــــــــــــــــــــــــبَعْ!
فيَــــــــــا لَلْعقُولِ وَيَـــــــــــــا لَلنُّهَىٰ! ... أَلَا مُنْكِرٌ
مِنْكُمُ لِلبِدَعْ؟!
تُهَانُ مَسَــــــــــــــــــــــاجِدُنَا بِالسَّما
... عِ وَتُكْرَمُ عَنْ مِثْلِ ذَاكَ البِيَعْ!
وفاتَني بعضُ الشِّعر، ويقول في الخاتمة:
و{يسۤ} لَوْ تُلِيَتْ عليهِ ما انْصَدَعْ!
لَمّا تُقْرَأ هٰذه الأناشيد أو الأذكار -كما يزَعمون- يَقع
طَريحَ الأرض، و(أَخَذَهُ الحال)! لٰكنْ لو تُلِيت عليه {يسۤ} كلُّها؛ ما انْصدع
قلبُه وما وقع في الأرض!
فالشاهد: يوم العرس حيث يجوز الضَّربُ فيه على الدُّفِّ،
لا يَنبغي أن نَخْلِطَ فيه شيئًا هو طاعةٌ وقُرْبةٌ لِلّٰهِ -تَبَارَكَ
وَتَعَالَىٰ- لأنَّ هٰذا يومُ فَرَحٍ وسُرور، إنْ كان ولابد أن يَذْكُرَ اللهَ لأنّ
هٰذا ليس ممنوعًا؛ فليُذكَر منفصِلًا عن هٰذا اللهو، وإلا انطبَق عليهم فيما إذا
خلطوا قولُه تَعَالَىٰ: {اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا
وَلَعِبًا} (الأعراف:
من الآية 51).
وبهٰذه المناسَبة: هناك مِن أولٰئك الأناس الذين سَبَقَ
الإشارةُ إليهم أنهم يُشْغِلون جماهيرَ الناسِ بأشياء لم تكن مِن الدِّين الأوّل،
وهو ما يسمُّونه بالأناشيد الدِّينيّة أو الأناشيد الإسلاميّة، لا نَعْرِفُ في العهدِ
الأول أناشيدَ دِينيَّة، وأناشيدَ إسلاميَّة!
لا نَعْرِفُ في العُهُودِ الأُولىٰ شيئًا مِن هٰذه التي يُسَمُّونها
بالأناشيدِ الإسلاميَّة والأناشيد الدِّينيَّة، لا شكَّ هناك أناشيد أو بالمعنى
الأصحِّ: هناك شِعْرٌ إسْلاميٌّ عربيٌّ قَويٌّ جدًّا، ولا يجوز لِأحدٍ أنْ يَمْنَعَ
مِن ذٰلك، لٰكنْ لا ينبغي إدخالُ هٰذا النَّوعِ في العِبادات، (فإنّ ذٰلك)[3] يكون
إمّا للترويح عن النَّفسِ أو تسليتها أو ما شابه ذٰلك.
الشاهد إذًا: في العُرسِ مُباحٌ الضَّربُ بالدُّفِّ، لٰكن
ليس هناك في الإسلام أناشيد دِينيّة.
وخيرُ الهُدىٰ -كما
نعلم جميعًا- هُدىٰ محمدٍ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكما قالوا:
وكلُّ خيرٍ في اتِّباعِ مَن سَلَفْ * وكُلُّ شَرٍّ في
ابتداعِ مَن خَلَفْ
نحن نَسمع مِن بعض الجماعات أنهم يُنشِدون بعضَ الأناشيد
على الألحان والموازين إمَّا الغَرْبيَّة وإمّا الشَّرقيَّة التي يَتعاطاها الْمُغَنُّون
عادةً، فيَكفي مَن كان حريصًا علىٰ دِينِه أن تُنزَّل هٰذه
الأناشيدُ إذا سَلِمَتْ في ألفاظِها مِن المعاني المنحَرِفة عن شريعةِ الله، يَكفيهم
عيبًا ويَكفيهم خطأً أنهم يُنزِّلونها ويُوْقِعونها على التَّواقيع الموسيقيَّة الغَرْبيَّة
منها والشَّرقيَّة!
هناك بعض الأناشيد التي تُميت القلوب؛ لأنها على ذاك
الوزن، مثلًا أذكر منها بعض الألفاظ، وأذكر أنّ في بعضِها شيئًا مُنكَرًا جِدًّا! ما
هو النشيد الذي يقولون فيه: الدُّنيا فيّ وَحَيّ..؟ تحفظون شيئًا كهٰذا؟
إحدى الحاضرات:
دَعْ
طُرُقَ الغَيّ * فالدُّنيـــــــا فَيّ
الكـــــــــــــلُّ يَفْنَىٰ * والباقي حَيّ
قال أبي:
تمام!
مِثل هٰذا النشيد يُوقِعونه على التوقيع، يعني: لو أراد
المنشِد لهٰذا الذي يُسمُّونه بالأناشيد الدِّينيّة -ذَكَرًا كان أو أنثىٰ- أن يَضْرِب
عليها بالموسيقىٰ؛ يمشي الحال، ما السبب؟ لأنها موزونة، وموزونة علىٰ
بعض الأغاني لِلماجِنين مِن الْمُغنِّين، فهٰذا في الحقيقة يَصْدُق عليه قولُه -عَلَيْهِ
السَّلامُ- العامُّ:
«لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ،
وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّىٰ لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ
لَدَخَلْتُمُوهُ»[4].
المقصود: هٰؤلاء الناس -مع الأسف الشديد- الذين يأتون بمُحدَثاتِ
الأمور هُم لم يَفْقهوا الإسلام، وجَهْلُهم بالإسلام هو الذي يَفْسح لهم المجالَ
بأن يَستحْسنوا ما لم يكن حَسَنًا مِن قبلُ!
أظنُّ أنَّكُنَّ جميعًا تَعْلَمْنَ حديثَ أبي واقدٍ اللَّيثيِّ
الذي يقول أن النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في سَفَرٍ لَمّا مرَّ
بأصحابه علىٰ شجرةِ
سِدْرٍ عظيمةٍ، فقال أحدُهم:
(يا رسول الله! اجعَلْ لنا ذَاتَ أنواطٍ كما لهم ذاتُ أنواطٍ).
هٰذا الكلام عربيٌّ مفهوم؛ شجرة سدر -معروفة في بلاد
العرب- كان المشركون يُعلِّقون عليها أسلحتَهم، فلمّا رآها ذٰلك الصحابيُّ تذكَّرَ
سدرةَ المشركين التي كانوا يُعلِّقون عليها أسلحتَهم، فماذا قال؟ قال:
(يا رسول الله! اجعَلْ لنا ذَاتَ أنواطٍ كما لهم ذاتُ أنواطٍ).
هٰذه الكلمة لا تُحرِّكُ ساكنًا مِن هٰؤلاء الناس الذين
ابتُلوا بما يُسَمُّونه بالأناشيد الدِّينيَّة ونحوِها مِن مُحدَثات الأمور! لأنه
ليس فيها سوى: اجعل لنا شجرةً نعلِّق عليها أسلحتَنا. ما قال: اجعل لنا أناشيدَ دِينيّة
نُسَلِّي بها أنفُسَنا كما يَفعل الآخرون، وإنما:
(اجعَلْ لنا ذَاتَ أنواطٍ كما لهم ذاتُ أنواطٍ).
ماذا كان موقف الرسول عَلَيْهِ السَّلامُ؟
هنا يَظْهر الفَرْقُ بين أمثالِنا وأمثالِ أولٰئك، مَوقفُنا
مِن هٰذه الأناشيد؛ لا نستطيع أن نقول: هو موقفُ الرَّسولِ مِن تلك الكلمة، وإنما
نقول: قريبٌ مِن تلك الكلمة؛ لأننا ننطلق مما نَفْهَم مِن أسلوبِ الرسولِ عَلَيْهِ
السَّلامُ وسياستِه ومعالَجتِه لِلأخطاء التي تقع مِن بعض أصحابه، فنحاول أن
نَقتدي به عَلَيْهِ السَّلامُ، وإلَّا ما يجوز لنا أن نقول: (نحن مِثْلُ الرسول)؛
هٰذا هو الكُفر بِعَينِه. كان موقفُ الرسولِ مِن تلك الكلمة (اجعَلْ لنا ذَاتَ
أنواطٍ كما لهم ذاتُ أنواطٍ):
«الله أكبر! هٰذه السُّنن، لقد قلتُم كما قال قومُ موسىٰ
لِموسىٰ:
اجعل لنا إلٰهًا
كما لهم آلهة».
انظروا الفَرْق بين القول الذي أَنكره الرسولُ علىٰ أصحابه؛
أين هو مِن القول الذي أَنْكَره موسىٰ علىٰ
قومه؟!
قومُ موسىٰ قالوا: اجعل لنا إلٰهًا
نَعبُده مِن دون الله كما لهٰؤلاء المشركين آلٰهة
يعبدونها مِن دون الله.
أمّا بعضُ أصحاب الرسول قالوا ما دون ذٰلك بكثير، لا نِسبة،
لا نسبة، سوى القياس اللّفظيّ الجُمْلِيّ؛ قالوا: (اجعَلْ لنا ذَاتَ أنواطٍ كما لهم
ذاتُ أنواطٍ)، بَدَلَ قولِ اليهود: اجعل لنا إلٰهًا
كما لهم آلٰهة،
فقال عَلَيْهِ السَّلامُ: هٰذا تقليدٌ منكم لليهود، ولذٰلك عَظُم عليه الأمر وقال:
فكيف بنا إذا رأى الرسولُ عَلَيْهِ السَّلامُ: أصبحت
اجتماعاتُنا ولَهْوُنا المباحُ خليطًا بمُحْدَثاتِ الأمورِ، وهو عَلَيْهِ
الصَّلاةُ وَالسَّلامُ كان يقول في الحديث الذي رواه العِرْباضُ بْنُ سَارِية[6]، قال:
وَعَظَنَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلىٰ
آلِهِ وَسَلَّمَ موعظةً وَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، وذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ،
فقلنا: أوصِنا يا رسول الله! قال:
«أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وإنْ
وُلِّيَ عَلَيْكُم عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، وَإنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا
كَثِيرًا».
هٰذا واقعُنا اليوم: هٰذه سُنّة، هٰذه بدعة؛ لا، هٰذه
بدعة حسنة، لا، هٰذه بدعة قبيحة!
«وَإنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا».
كأنَّ سائلًا يقول:
فماذا نفعل يا رسول الله؟! قال:
«فعَلَيكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ
الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِن بَعْدِي، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ
وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فإنَّ كُلَّ مُحدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وكلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ».
وفي الحديث الآخر: «وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ»[7].
الفَرْقُ بين الدُّعاةِ إلى السُّنَّةِ واتِّباعها والنَّهْيِ
عنِ البِدَعِ واجتنابِها؛ فَرْقٌ كبير جدًّا بين هٰؤلاء
وبين الذين يَتساهلون بِمِثْلِ هٰذه الأناشيد التي يُسمونها بالأناشيد الدِّينيَّة،
هٰؤلاء ليس لهم عِناية إطلاقًا بتحذيرِ ليس الأُمّة بصورةٍ عامّة، بل ولا الذين يَلوذون
بهم بصورةٍ خاصّة أن يُبَصِّروهم مِن دِينهم، أن يقولوا لهم: هٰذه بدعة فاجتنبوا
عنها، وهٰذه
سُنَّةٌ فعضُّوا عليها بالنواجذ، كما قال عَلَيْهِ السَّلامُ، مِثْل هٰذه النصائح
أصبحتْ مفقودةً مَعدومةً مِن دَعوتِهم، لماذا؟ لأنَّ دعوتَهم قائمة فقط علىٰ
كلمةِ: (جمِّعْ، كتِّلْ)، ليس إلَّا.
فالشاهد: مَن يَتَشبَّع بمثل هٰذه الأحاديث التي يُحذِّر
فيها الرسولُ مِن مُحدثات الأمور مِن جهة، ويُحذِّر مِن أن يقول المسلمُ كلمةً
فيها نوعُ مُشابَهةٍ مع الكُفَّار مع فارقٍ في المعنىٰ
كبيرٍ جدًّا كما ذَكرنا، فكيف يُبيح لنفْسِه أن يَتقرَّبَ إلى اللهِ بأناشيد يسمِّيها
أناشيد دينيَّة، أو يسمِّيها بأناشيد إسلاميَّة؟!
لا نرىٰ نحن التقرُّبَ إلى الله
بشيءٍ مِن هٰذه الأناشيد.
ويَقِينًا هٰذه الأناشيد إنْ لم تُصبحْ بل قد أصبحتْ فِعلًا
صادَّةً عن ذِكر الله؛ لأنَّ الذين يَهتمُّون بها صباحَ مساء يَتسلَّون بها، فلم يَبْقَ
عند المسلم ولا المسلمة فراغٌ لِيُنوِّرَ بَصَرَهُ وبَصِيرتَهُ بقراءةِ كتابِ اللهِ
وبالتَّفقُّهِ في سُنَّةِ رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأنَّ
الوقتَ محدودٌ، فوقتُه ضائعٌ بين الأناشيدِ الدِّينيَّةِ وبين (التلفزيون) الذي لا
يخلو منه بيتُ مُسْلمٍ إلَّا ما نَدَر، وهو قليل، والقليلُ لا حُكم له، فالوقتُ
ضائعٌ بين هٰذا وذاك، فلم يَبْقَ هناك مجالٌ لِلتَّفَقُّهِ في الدِّين، ولذٰلك؛
نستطيع أن نقولَ بأنَّ العالَمَ الإسلاميَّ إلَّا مَن شاء اللهُ فهم يعيشون في
جاهليَّةٍ جَهلاء، ويُساعدهم علىٰ ذٰلك: الفِقْهُ المنحَرِفُ
عن الفِقهِ فِقْهِ الكتاب والسُّنّة؛ لأنه لا يَصدُر عن علماء وإنما يَصدر عن
أصحابِ الأهواء.
انتهىٰ جوابُ
أبي جزاه اللهُ أطيبَ الجزاء.
~~~**~~~
ليلة السبت 3 جمادى الآخرة 1434ﻫ
[1] - أي في العُرس.
[2] - جاء في "إغاثة اللهفان" (1/ 249 - مطبعة مصطفى البابي):
وما أحسن ما قال بعض العلماء وقد
شاهد هٰذا وأفعالهم:
أَلَا قُلْ لَهُمْ قَوْلَ عَبْدٍ
نَصُوحٍ ... وَحَقُّ النَّصِيحَةِ أَنْ تُسْــــــــــــــــتَمعْ:
مَتَىٰ عَلِمَ النَّاسُ
في دِينِنا ... بأَنّ الغِنَا سُــــــــــــــــــــــــنَّةٌ تُتَّبَعْ؟!
وأَنْ يأكلَ المرءُ أَكْــــــــلَ
الحِما ... رِ وَيَرْقُصَ في الجَمْعِ حَتَّىٰ يقَعْ؟!
وقَالُوا: سَــــــــــــكِرْنَا
بِحُبَّ الإِلٰهِ ... وَمَا أسْـــــــــــــــــكَرَ القَوْمَ إلَّا القِصَعْ!
كَذَاكَ البَهَائمُ إِنْ أُشْبِعَتْ ... يُرَقَّصُهَا رِيُّها والشِّــــــــــــــــــــــــــــبَعْ!
ويُسْكِرُهُ النَّايُ
ثُمَّ الغِنا ... و{يسۤ} لَوْ تُلِيَتْ ما انْصَدَعْ!
فيَــــــــــا لَلْعقُولِ وَيَـــــــــــــا لَلنُّهَىٰ! ... أَلَا مُنْكِرٌ مِنْكُمُ
لِلبِدَعْ؟!
تُهَانُ مَسَــــــــــــــــــــــاجِدُنَا
بِالسَّما ... عِ وَتُكْرَمُ عَنْ مِثْلِ ذَاكَ البِيَعْ!
[3] - لم تتضح لي تمامًا.
[4] - قال أبي رَحِمَهُ اللهُ: "حديث صحيح، مخرج
في "الصحيحين" من حديث أبي سعيد الخدري، وله شاهد قوي مِن حديث أبي هريرة
مرفوعًا نحوه. أخرجه ابن ماجه (3994)، وأحمد (2/ 450 و527) بإسناد حسن، وصححه الحاكم
(1/ 37) علىٰ شرط مسلم. ووافقه الذهبيّ. وله في "المسند" (2/ 327) طريق أخرىٰ
عن أبي هريرة، وإسناده صحيح علىٰ شرط مسلم" اﻫ مِن "إصلاح المساجد"
(ص36 ، ط 6، المكتب الإسلامي).
عَنْ
أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ إِلَىٰ حُنَيْنٍ مَرَّ بِشَجَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ
يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاطٍ، يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ،
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ
ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سُبْحَانَ
الله! هٰذَا كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى {اجْعَلْ لَنَا إِلٰهًا كَمَا لَهُمْ
آلِهَةٌ} (الأعراف مِن الآية: 138)
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ». وفي
رواية الحافظ ابن حبان قال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «اللَّهُ أَكْبَرُ!
إِنَّهَا السُّنَنُ، هٰذَا كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: {اجْعَلْ
لَنَا إِلٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}»، ثُمَّ
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ لَتَرْكَبُنَّ
سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ».
ينظر: "التعليقات الحسان" (6667)، و"جلباب المرأة المسلمة" ص
202 و203، ط 1 للطبعة الجديدة 1413 هـ، المكتبة الإسلامية).
[6] - ينظر "الصحيحة"
(2735) و"الإرواء" (2455).
[7] - "سنن النسائي"
(1578)، ويُنظر "الإرواء" (608).