الصفحات

فتوىٰ لأبي الإمام الألبانيّ في مسألةٍ تتعلّق بالتعزية وبالمعايَدة



الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ علىٰ خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلىٰ آله وصحبه ومَن تَبعهم بإحسانٍ إلىٰ يوم الدِّين.
أمّا بعد
فهاته فتوىٰ لأبي -رَحِمَهُ اللهُ- في تفصيلِ حُكمِ الذهاب للتعزية، وقد تضمَّنتْ بيان مسألةِ التزاوُرِ في العيد بقصْدِ المعايدة[1]، وكان السؤال موجَّهًا له مِن بعض الأخوات:
ما حُكمُ التعزية؟ وهل يُذهَب إلىٰ أهل الميت مِن أجل تعزيتهم؟ علمًا بأنَّ كثيرًا من النساء يَذهبن للتعزية ويجلسن ولا يترتب مِن ذهابهن فائدةٌ تُذكَر، فهل التعزية جائزة أم غير جائزة؟ وهل الاتصال بأهل الميت بالهاتف يُعَدُّ مِن التعزية؟ مع الأدلة، وكذا التعزيةُ بالنسبة للأقارب، علمًا بأننا إذا لم نذهب؛ لا يترتب علىٰ ذٰلك قطيعة، وما تقول في ذهابِ البعض منّا في وقت التعزية مِن أجْل إنكار البدع أو تصبير أهل الميت إذا كانت المصيبةُ عظيمة؟
فقال رفع اللهُ درجاته في عليين:
"هٰذا هو المخرَج؛ إذا ذَهب ذاهبٌ إلىٰ مكانِ التعزية مِن أجْلِ التعزية أولًا، ثم مِن أجْلِ التنبيه علىٰ ما يفعلونه مِن المخالَفات الشرعية؛ فهٰذا يجوز، وإلَّا تكتفي المرأةُ بالتعزيةِ مِن وراء الهاتف.
وبهٰذه المناسبة أَذْكُر نكتةً أفعلُها في كثيرٍ مِن الأحيان وفيها التنبيهُ لِمسألةٍ ربما ما سمعتُم بها، فإنْ رأيتم الصواب؛ فعليكم بإحيائها، وإلَّا؛ فدُلُّونا عليه؛ على الصواب:
معلومٌ اليومَ بين الناس أنه إذا حَضَر عيدُ الفطر أو عيدُ الأضحىٰ يَذهب بعضُهم لزيارة بعضٍ لِلمُعايدة، تقولون هٰكذا في هٰذه البلاد؟
- نعم نعم.
أبي: أنا أعتقد أنّ هٰذه المعايدة بدعة.
- عجيب!
أبي: إي والله!
- أول مرة نَعرف.
أبي: أول مرة تَسمع.. أول مرة تَسمع ما سمعتَ الآن.
- نعم..
أقول أنَّ هٰذه المعايدة هي بدعة في الإسلام لم تكن في قديمِ الزمان، والمعايَدة إنما تكون في المصلَّىٰ، ومِن هنا تَظهر حكمةُ تجميعِ المسلمين في مكانٍ واحد يومَ العيد؛ لأنه يُسلِّم بعضُهم علىٰ بعض، ويتعرَّف بعضُهم لِبعض.
الشاهد أنَّ المسلمين اليوم -كما تعلمون- ما يَعرفون هٰذه القضية، ولو عرفوا؛ يصعب عليهم تطبيقُها، الشاهد: أنني أَذهب أحيانًا لِأُعايد علىٰ بعضِ الإخوان لٰكنْ أنا أقول له: أنا ترىٰ جئتُك زائرًا وما جئتُك مُعايدًا؛ لأن هٰذه المعايدة بدعة، فأنا جئتُ أولًا أغتنم فرصةَ وجودِك في البيت، فأنا أَزورك مِن جهة، وأبلِّغكَ الحُكمَ الشرعيَّ مِن جهة أخرىٰ.
فإذا النساء فَعلن هٰكذا في التعزية أو في غيرِ التعزية؛ فيكون جمعوا بين القيام بالتعزية وهي سُنَّة ولا شك، وبين التنبيهِ علىٰ ما قد يقع مِن بعض المنكرات، وأنا هٰكذا أفعل أيضًا أحيانًا حينما يَغلب علىٰ ظنِّي أنني إذا حضرتُ مكانَ التعزية يُسمَع لقولي، فأحضر، وأجدُهم -مع الأسف- مشغِّلين المسجل على القرآن، والذي يدخِّن! والذي يتكلم مع الثاني! وكأنّ هٰذا التسجيل للجُدُر وليس للبشر! فأنأ أنصحهم وأذكِّرهم أن اجتماعكم هٰذا هو خِلاف السُّنَّة، فكيف وقد اقترن بالاجتماع مخالَفات مكشوفة؟!
فالشاهد أنَّ الذَّهاب إلى التعزية مع الإنكار هٰذا يكون فيه مصلحتان.
- عن المعايدة يا شيخ! الآن اتسعت البلاد، وفي المصلَّىٰ لا تجد كلَّ الذين تريد أن تسلِّم عليهم، فتضطر أن تنتقل..
أبي: لماذا لا تجد؛ لأنهم محافِظون على السُّنَّة؟!
- يصلُّون في مصلًّى آخر يا شيخ!
أبي: ما أجبتَني؛ لأنهم محافِظون على السُّنَّة؟! المصلَّىٰ يجب أن يتسع لِلبلد كلِّه، وإلا ما الفائدة أننا تفرَّقنا في المساجد أو تفرَّقنا في المصلَّيات؟!
- الواقع أنه لا يتَّسع، هٰذا الواقع.
أبي: لا بأس.. كم عدد [أهل] البلد الذين لا يتَّسع المصلَّىٰ لهم مع أرضِ اللهِ الواسعة؟!
- ... قضية جمع الناس في مصلًّى واحد.
- .. ما الحلّ؟
أبي: الواجب أن مَن كان بيده العَقد والحلّ والرَّبط ينبَّهون بالتي هي أحسن إلىٰ حُكم الشرع، فيختارون أرضًا واسعة تتَّسع لكلِّ أهلِ البلدة، صحيح لو كان مِثل مصر والقاهرة أو مثل [..] التي يقولون ربما يقطع مسافة 100 كم مِن شرقِها إلىٰ غربها أو مِن شمالها إلىٰ جنوبها أو أكثر مِن ذٰلك، ممكن هٰذا، لٰكن هٰذا متىٰ يقال "لا يمكن"؟ بَعد إعمالِ الفِكر وإفراغ الجهد، أما نتَّكل علىٰ ما نحن عليه؛ هٰذا ليس عذرًا" اﻫ كلامُ أبي جزاه الله خيرًا.
"فتاوى المرأة المسلمة" (الشريط 5، الدقيقة 12).

الخميس 20 ذي القعدة 1434ﻫ


[1] - فهي فتوىٰ ثالثة للوالد -رَحِمَهُ اللهُ- في مسألة تقصُّد الزيارة في العيد لِلمعايدة، تُضمّ إلىٰ أختَيها المدوَّنتَين هـــــــــــــنا علىٰ هٰــــــــــــــــــــذا الرابـــــــــــــــــــــــــــط، وهناك أخرىٰ رابعة، أنشرها قريبًا إن شاء الله.

الرؤية الشرعية -للمرأةِ المراد خِطبتها- رؤيتان



بسم الله الرحمٰن الرحيم
إِنَّ الْحَمْدَ لِلّٰهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ..
فإنَّ لِأبي -رَحِمَهُ اللهُ- في مسألةِ ما يُعرَف بـ (الرؤية -أو النظرة- الشرعيّة بقصدِ الخطبة) قولين: قديمًا، وجديدًا أخيرًا:
خلاصة القديم: أنّ لِلفتاةِ أن تجلس مع الخاطبِ، في حُضورِ محرمٍ لها، مُرتديةً مِن اللباس ما يَحِلُّ لها لبسُه أمام محارمها، فلها أن تكشفَ الشعرَ والرقبةَ، والساعدَ والقدمَ.
وهٰذا القديم يوجد للوالد به فتوىٰ صوتيّة في "المتفرقات" (الشريط 7، الدقيقة 24:10)، وهو نفسه "شرح الترغيب" (الشريط 11/ب، الدقيقة 20 تقريبًا)، وقد يُفهَم مِن كلامِه في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1/ 204 – 209).
وأما الجديد الأخير: فهو المبثوث في عدةِ أشرطة له، وقد اخترتُ تفريغَ إحدىٰ هٰذه المبثوثات، مما أظنّ أنها أَوفاها:
سئل رَحِمَهُ اللهُ:
ما هو القَدْرُ المشروعُ في رؤيةِ الفتاةِ عند العَزْمِ علىٰ زواجِها؟
فأجاب:
"الرؤيةُ رؤيتان:
رؤيةٌ باتّفاقٍ مع البنتِ ووَليِّ أمرِها، وليس مع البنت فقط، رؤيةٌ بالاتِّفاق مع البنتِ وأهلِها، ووليِّ أمرها، في هٰذه الرؤية لا يجوز أن يَرىٰ منها إلَّا ما يُرىٰ منها عند خروجِها مِن دارِها إلى السُّوقِ.. إلى الشارع.. إلخ، أعني: الوجهَ والكفَّين فقط.
والرؤيةُ الأُخرىٰ: رؤيةٌ دون عِلْمِ الفتاة، وهٰذا نوعٌ يُمكننا أن نسمِّيَه بالِاختلاسِ المشروع، اختلاس مشروع، وهو أن يَنظر الخاطبُ إلىٰ مَن أُلقي في قلبه التزوُّجُ بها، فيَنظر إليها ما تمكن مِن أن يَرىٰ منها في غفلةٍ منها عنه، هٰذا جائزٌ دون تحديد، وهٰذا يُمكن في ظروفٍ مُعَيَّنة دون اتِّفاقٍ سابق، كما ثَبت عن بعضِ الصحابةِ أنه رؤي وهو يُوجِّه بَصَرَه إلى امرأةٍ في أُجّارِها: في سطحِ دارِها، وهٰذا يُسمَّىٰ عندنا في سوريا بـ (الْمَشْرَقَة)، أي السطح الذي يُنشَر فيه أو عليه الغسيل، فقد تُرى المرأةُ، فيما إذا أكَّد الناظرُ إليها، قد يَرىٰ شيئًا مِن ذراعها، قد يَرىٰ شيئًا مِن عُنقها ورأسها وشعرها، فإنْ كان غريبًا عنها؛ يأتي قولُه تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ إلىٰ آخرِ الآية (النُّور: 30)، وإن كان له هوًى في نكاحِها؛ فهو هنا يُسمَح له أن يَنظُرَ إليها لِقَصْدِ أن يَقع في نفسِه أن يتزوج بها أوْ لا.
ومِن هنا جاء حديثُ المغيرةِ بنِ شُعبةَ الآخَر، وهو أنه ذَكر لِلنبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه تزوَّج امرأةً مِن الأنصار، قال: «هل نظرتَ إليها؟ فإنّ في أعين الأنصار شيئًا»، وفي لفظٍ: شينًا، قال: فنظرتُ إليها، فتزوجتُها، ووجدتُ فيها الخيرَ والبركة، أو كما قال.
إذًا؛ الرؤيةُ والنظرةُ إلى المرأةِ التي يُراد خِطبتُها رؤيتان:
رؤية بالاتِّفاق مع أهلِها وذويها: فلا يجوز إلَّا أن يُرىٰ منها قرص الوجه والكفين فقط.
أما الرؤية الأخرىٰ: فليس لها حدود" اﻫ مِن "سلسلة الهدىٰ والنُّور" (الشريط 593، 01:01:04).
وتُنظر أدلةُ هٰذه المسألة في "صحيحته" (95 - 99) -وقد ذَكر أبي في الفتوى الصوتيةِ السابقة بعضَها بمعناها-، مع الانتباه إلىٰ أنه تراجَع عن تصحيح أثرِ عُمَر بن الخطّاب في خِطبته أُمَّ كلثوم بنت عليّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، المذكورِ تحت الحديث (99)، وقد نبَّه إلىٰ ذٰلك في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (3/ 433 و434، تحت الحديث 1273)، وفي فتوىٰ صوتية أيضًا، كما سيأتي.
وقد صرّح الوالد -رَحِمَهُ اللهُ- بتراجعه في "سلسلة الهدىٰ والنُّور"، (الشريط 311، الدقيقة 18:38)، ونصُّ السؤال:
ظَهَر رأيُكم في حَدِّ النَّظرِ إلى المخطوبةِ في "السلسلة الصحيحة"، وربما اطَّلع عليه المتخصِّصون، ولٰكنْ لو أراد الشيخُ أن يبيِّن لِلعامَّة هٰذا الحُكمَ؛ ماذا يقول؟
وبدأ أبي -رَحِمَهُ اللهُ- الجوابَ بمقدّمةٍ، إلىٰ أنْ وَصَل إلىٰ مُرادي منها هنا، إذ قال في الدقيقة (27:32):
"يوجد شيئان هنا توقَّفْنا عنهما:
أحدهما: ما سَبق ذِكره آنفًا، وهو الرواية هٰذه المتعلِّقة بأُمِّ كلثوم.. عدم صحَّتِها.
الشيء الثاني: أنه لا يجوز تَعَمُّدُ أن تَظهرَ أمامَه [أي أمام الخاطب] هٰكذا بأكثر مِن وجهِها وكفَّيها، وإنما يكون ذٰلك عنها دون عِلمها".
ثم أعاد في الدقيقة (47: 28):
"أقول بالنسبة للسؤال السابق:
القصَّة المذكورة المتعلِّقة بكَشْفِ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ عن خطيبتِه أُمِّ كلثوم -كَشْفِه عن ساقِها-؛ تبيّن لي بعد أن وَقَفْنا علىٰ إسنادِها في المصدر الذي كان الحافظ ابن حجر [انقطاع في الشريط] إليه، ألا وهو "مصنّف عبد الرزاق" أنَّ الإسنادَ ضعيفٌ منقطِع لا تقوم به حُجّة.
ولزِم مِن ذٰلك أنْ نقف عند تلك الأحاديث التي كنتُ ذكرتُ بعضَها في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" وفي المجلَّدِ المشار إليه آنفًا، وهي تُفيد أنَّ للخاطبِ أن يَنظر إلىٰ مَن هو عازِمٌ علىٰ خِطبتِها أن يَنظر إلىٰ ما يبدو منها عادةً، ولو كانت في عُقرِ دارها، ولٰكنْ ذٰلك دون علمٍ منها، دون علمٍ منها.
أما أن يتَّفق الخطيبُ مع خطيبتِه، ولو بمَحْضَرٍ مِن محارمها، علىٰ أن يَرىٰ منها ما لا يجوز للأجنبيِّ أن يَرىٰ منها؛ فهٰذا مما لا نَعلم دليلًا عليه إلَّا القصةَ السابقةَ، وقد تبيَّن لنا ضعفُها، وقد رجعنا عنها".
ويستمرُّ الكلامُ فيما له صلةٌ بالمسألةِ إلىٰ أواخرِ الدقيقة 33.
كتبتُ هٰذا نصيحةً للأخوات، وقد علمتُ أنّ الكثير لا يزالون يعملون بالفتوى القديمة، ولم تَبلغْهم الأخرىٰ، فها قد تَبيّن الصُّبحُ... والحمدُ لِلّٰهِ وحدَه.

الإثنين 17 ذي القعدة 1434ﻫ

اللّٰهُمَّ! فَهِّمْنِيْهَا


الحمدُ للهِ وَحْدَه، والصَّلاةُ والسَّلامُ علىٰ مَن لا نبيَّ بعده، وعلىٰ آلِه وصحبه ومَن نهَجَ نهجَه.
أمّا بعد
بوّب العَلَّامةُ مقبل الوادعيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ:
مَن أَشْكَلَتْ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةُ الْعِلْمِيَّةُ يَقُولُ:
اللّهُمَّ! فَهِّمْنِيْهَا
ثم قال:
قال ابن إسحاق كما في "السيرة" لابن هشام ج1ص474:
فَحَدّثَنِي نَافِعٌ مَوْلَىٰ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ:
اتَّعَدْتُ لَمّا أَرَدْنَا الْهِجْرَةَ إلَى الْمَدِينَةِ أَنَا وَعَيّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ السّهْمِيّ التَّناضُبَ مِنْ أَضَاةِ بَنِي غِفَارٍ، فَوْقَ سَرِفٍ، وَقُلْنَا: أَيُّنَا لَمْ يُصْبِحْ عِنْدَهَا؛ فَقَدْ حُبِسَ فَلْيَمْضِ صَاحِبَاهُ.
قَالَ: فَأَصْبَحْت أَنَا وَعَيّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ عِنْدَ التّنَاضُبِ، وَحُبِسَ عَنّا هِشَامٌ، وَفُتِنَ فَافْتُتِنَ.
قال ابن إسحاق كما في "السيرة" ج1ص475:
وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ قَالَ:
فَكُنّا نَقُولُ: مَا اللهُ بِقَابِلٍ مِمَّنْ افْتُتِنَ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا وَلَا تَوْبَةً؛ قَوْمٌ عَرَفُوا اللهَ ثُمّ رَجَعُوا إلَى الْكُفْرِ لِبَلَاءٍ أَصَابَهُمْ!
قَالَ: وَكَانُوا يَقُولُونَ ذٰلِكَ لِأَنْفُسِهِمْ.
فَلَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ؛ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَىٰ فِيهِمْ وَفِي قَوْلِنَا وَقَوْلِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ:
﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55)﴾ (سورة الزُّمَر).
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ: فَكَتَبْتُهَا بِيَدِي فِي صَحِيفَةٍ وَبَعَثْتُ بِهَا إلَىٰ هِشَامِ بْنِ الْعَاصِي.
قَالَ: فَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِي:
فَلَمّا أَتَتْنِي جَعَلْتُ أَقْرَؤُهَا بِذِي طُوًى، أُصَعِّدُ بِهَا فِيهِ وَأُصَوِّبُ، وَلَا أَفْهَمُهَا! حَتّىٰ قُلْتُ:  
اللّٰهُمَّ! فَهِّمْنِيهَا.
قَالَ: فَأَلْقَى اللهُ تَعَالَىٰ فِي قَلْبِي أَنّهَا إنّمَا أُنْزِلَتْ فِينَا، وَفِيمَا كُنَّا نَقُولُ فِي أَنْفُسِنَا وَيُقَالُ فِينَا.
قَالَ: فَرَجَعْتُ إلَىٰ بَعِيرِي، فَجَلَسْتُ عَلَيْهِ، فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ.
هٰذا حديثٌ حسن.
وقد أخرجه البزار كما في "كشف الأستار" (جـ 2، ص 302)، وأخرجه الحاكم (جـ 2، ص 435)، وقال: "صحيح علىٰ شرط مسلم"، كذا قال، ومسلمٌ إنما روىٰ لِابن إسحاق قدرَ خمسة أحاديث في الشواهد والمتابَعات" اﻫ مِن "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين" (2/ 426 و427، ط1، 1416ﻫ، مكتبة ابن تيمية).

قال الأمير الصنعاني رَحِمَهُ اللهُ:
فَمَا الفَهْمُ إلَّا مِن عَطَايَاهُ لا سِوَىٰ * بَلِ الخَيرُ كُلُّ الخَيرِ مِنْهُ يُصَابُ
"ديوانه" (21، ط1، 1384ﻫ، مطبعة المدني).

الأحد 9 ذي القعدة 1434ﻫ

تفسيرٌ مختصَر لمَطلَعِ سورةِ (المدَّثِّر) -مِن "حاشية ثلاثة الأصول"-



نصّ السّؤال (رسالة الجوّال)

89- فَسِّري مَطْلَعَ سُورةِ (المُدَّثِّر)، مُبَيِّنةً تَكرارَ التَّوجيهِ إلى التَّوحيدِ والتَّحْذيرِ مِن الشِّرْكِ.

البيان
الحمدُ لله وحده، والصَّلاةُ والسَّلامُ علىٰ مَن لا نبيَّ بعده، أمّا بعد:
قال الإمامُ محمَّدُ بنُ عبدِ الوهَّاب رَحِمَهُ اللهُ:
(بَعَثَهُ اللهُ بِالنِّذَارَةِ عَنِ الشِّرْكِ، وَبِالدَّعْوَةِ إِلَى التَّوْحِيدِ(1)، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ(2) (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ(3) (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ(4) (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ(5) (5) وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ(6) (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ(7) (7) (الْمُدَّثِّر).
وَمَعْنَىٰ: ﴿قُمْ فَأَنذِرْ: يُنْذِرُ عَنِ الشِّرْكِ، وَيَدْعُو إِلَى التَّوْحِيدِ(8).
﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ: أَيْ: عَظِّمْهُ بِالتَّوْحِيدِ(9).
﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ: أَيْ: طَهِّرْ أَعْمَالَكَ عَنِ الشِّرْكِ(10).
﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ: الرُّجْزُ: الأَصْنَامُ(11)، وَهَجْرُهَا: تَرْكُهَا(12)، وَالْبَرَاءَةُ مِنْهَا وَأَهْلِهَا(13)).
قال الشيخُ عبدُ الرَّحمٰن بن محمَّد بن قاسم رَحِمَهُ اللهُ:
"(1) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ- جُمْلَةً مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَعْظَمُهَا وَأَعْلَاهَا:
مَعْرِفَةُ مَا بُعِثَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّه بُعِثَ بِـ:
النِّذَارَةِ عَنِ الشِّرْكِ.
وَالدَّعْوَةِ إِلَى التَّوْحِيدِ.
وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ النِّذَارَةَ عَنِ الشِّرْكِ قَبْلَ الدَّعْوَةِ إِلَى التَّوْحِيدِ:
لِأَنّ هٰذَا مَدْلُولُ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ (لَا إِلٰهَ إلَّا اللهُ).
وَلَأَنَّ الْآيَةَ الْآتِيَةَ تَقْتَضِي ذٰلِكَ، فَبَدَأَ بِجَانِبِ الشِّرْكِ؛ لِكَوْنِ الْعِبَادَةِ لَا تَصِحُّ مَعَ وُجُودِ الْمُنَافِي، فَلَوْ وُجِدَتْ وَالْمَنَافِي لَهَا مَوْجُودٌ؛ لَمْ تَصِحَّ.
ثُمَّ ثَنَّىٰ بِالتَّوْحِيدِ؛ لِأَنَّه أَوَجَبُ الْوَاجِبَاتِ، وَلَا يُرْفَعُ عَمَلٌ إلَّا بِهِ.
(2) هٰذِهِ أَوَّلُ آيَةٍ أُرْسِلَ بِهَا، وَأَوَّلُ أَمْرٍ طَرَقَ سَمْعَهُ فِي حَالِ إِرْسَالِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَذٰلِكَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَّى الْمَلَكَ الَّذِي جَاءَهُ بِحِرَاءَ حِيْنَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ ﴿اقْرَأْ؛ رُعِبَ مِنْهُ، فَأَتَىٰ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَقَالَ: «دَثِّرُوْنِي»، فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ[1].
أَي: الْمُتَدَثِّرُ بِثِيَابِهِ، الْمُتَغَشِّي بِهَا مِنَ الرُّعْبِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ مِنْ رُؤْيَةِ الْمَلَكِ عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ[2].
﴿قُمْ أَي: مِنْ دِثَارِكَ؛ فَأَنْذِرْهُمْ وَحَذِّرْهُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا.
بِهٰذَا حَصَلَ الْإِرْسَالُ، كَمَا حَصَلَ بالأَوَّلِ النُّبُوَّةُ[3].
(3) أَي: عَظِّمْ رَبِّكَ عَمَّا يَقُولُهُ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ.
(4) أي: نَفْسَكَ طَهِّرْهَا عَنِ الذُّنُوبِ، كَنَّىٰ عَنِ النَّفْسِ بِالثَّوْبِ؛ لِأَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ، وهٰذَا قَوْلُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ[4].
أَوْ: عَمَلَكَ فَأَصْلِحِ[5].
وفُسِّرَ بِغَيْرِ ذٰلِكَ[6].
 (5) أَي: اتْرُكِ الْأَوْثَانَ وَلَا تَقْرَبْهَا، ﴿وَالرُّجْزَ: الْقَذَرَ، مِثْلُ الرِّجْسِ، قَالَ تَعَالَىٰ: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ (الحج: من الآية30)، بَلْ فَسَّرَ الْمُصَنِّفُ هٰذِهِ الْآيَاتِ بِمَا فِيْهِ كِفَايَةٌ.
(6) أَي: لَا تُعْطِ مَالَكَ مُصَانَعَةً لِتُعْطَىٰ أَكْثَرَ مِنْهُ.
أَوْ: لَا تَمْنُنْ عَلَى اللهِ بِعَمَلِكَ فَتَسْتَكْثِرَهُ.
أَوْ: لَا يَكثُرْ مِنْ عَمَلِكَ فِي عَيْنِكَ.
أَوْ: لَا تَضْعُفْ أَنْ تَسْتَكْثِرَ مِنَ الْخَيْرِ[7].
(7) أَيْ: عَلَىٰ طَاعَتِهِ وَأَوَامِرِهِ.
أَوْ عَلَىٰ مَا أُوْذِيْتَ فِي اللهِ[8].
(8) فَإِنَّ الشِّرْكَ أَعْظَمُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللهُ بِهِ، وَلَا يُرْفَعُ مَعَهُ عَمَلٌ. وَالتَّوْحِيدَ أَوْجَبُ الْوَاجِبَاتِ، وَأَوَّلُ دَعْوَةِ الرُّسُلِ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَىٰ آخِرِهِمْ: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ إِلٰهٍ غَيْرُهُ (الأعراف: مِنَ الآية 59).
فَشَمَّرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَاقِ الْعَزْمِ، وَأَنْذَرَ النَّاسَ، وَعَمَّ وَخَصَّ، وَأُوْذِيَ عَلَىٰ ذٰلِكَ هُوَ وَمَنِ اتَّبَعَهُ.
وَجَرَىٰ لِلْمُصَنِّفِ -مُجَدِّدِ هٰذِهِ الدَّعْوَةِ رَحِمَهُ اللهُ- نَحْوٌ مِمَّا جَرَىٰ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَأَصْحَابِهِ، وَصَبَرُوا، وَكَانَتْ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ، وَأَظْهَرَ اللهُ الدِّيْنَ بَعْدَ دُرُوسِهِ عَلَىٰ يَدَيْهِ وَأتْبَاعِهِ، فَلِلّٰهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَجَزَاهُ اللهُ -وَمَنْ آوَاهُ وَنَصَرَهُ- عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِيْنَ أَحْسَنَ الْجَزَاءِ.
(9) فَهُوَ سُبْحَانَهُ الْإِلٰهُ الْحَقُّ، لَا نِدَّ لَهُ، وَلَا مِثْلَ لَهُ، فَلَا شَرِيكَ لَهُ فِي إِلٰهِيَّتِهِ، وَلَا فِي رُبُوبِيَّتِهِ، بَلْ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ وَحْدَهُ لَا يُشْرَكُ مَعَهُ أَحَدٌ فِي عِبَادَتِهِ؛ فَإِنَّ الشِّرْكَ مَعَ كَوْنِهِ أَظْلَمَ الظُّلْمِ؛ فَهُوَ هَضْمٌ لِلْرُّبُوبِيَّةِ، وَتَنَقُّصٌ لِلْأُلُوْهِيَّةِ, وَسُوءُ ظَنٍّ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ.
(10) وَهُوَ أَعْظَمُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللهُ بِهِ.
أَوْ: طَهِّرْ نَفْسَكَ مِمَّا يُسْتَقْذَرُ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ.
(11) قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ[9].
وَيُقَالُ: الشِّرْكُ[10].
وَيُقَالُ: الزَّايُ مُنْقَلِبَةٌ عَنِ السِّيْنِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ (الْحَجّ: مِنَ الآية 30)[11].
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا: اتْرُكِ الْمَآثِمَ، وَالْمَعْنَىٰ: اتْرُكْ كُلَّ مَا أَوْجَبَ الْعَذَابَ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ[12].
(12) وَالْإِعْرَاضُ عَنْهَا. وَهَجَرَ الشَّيْءَ يَهْجُرُهُ: صَرَمَهُ وَقَطَعَهُ، وَالْهَجْرُ: ضِدُّ الْوَصْلِ، فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِتَرْكِ الْأَوْثَانِ وَمُبَاعَدَتِهَا وَمُصَارَمَتِهَا وَجَمِيعِ الْمَآثِمِ.
(13) قَالَ تَعَالَىٰ عَنِ الْخَلِيلِ: ﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونَ اللّٰهِ (مريم: مِنَ الآية 48)، ﴿فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونَ اللّٰهِ (مريم: مِنَ الآية 49)، فَلَا يَتِمُّ تَوْحِيْدُ الْعَبْدِ حَتَّىٰ يَتَبَرَّأَ مِنَ الْكُفْرِ وَأَهْلِ الْكُفْرِ وَيُبَاعِدَهُمْ وَيُنَابِذَهُمْ" اﻫ مِن "حاشية ثلاثة الأصول" ص 106 - 109.

 
  قال العلامة ابن قُتيبة رَحِمَهُ اللهُ في "غريب القرآن" (ص 495، 1398ﻫ، دار الكتب العلمية): 
"﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾: يعني: الأَوثان، أَصْلُ الرُّجْزِ: الْعَذَابُ، فَسُمِّيَتِ الْأَوْثَانُ رِجْزًا؛ لِأَنَّهَا تُؤَدِّي إِلَى الْعَذَاب" اﻫ. نسأل الله العافية.


الجمعة 7 ذي القعدة 1434


[1] - سببُ نزولِ صدرِ سورةِ (المدَّثِّر) متفقٌ عليه مِن حديث جابر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، "صحيح البخاري" (4922 وغيره من مواضع)، "صحيح مسلم" (161).
[2] - يُنظر "فتْح البيان في مقاصد القرآن" للعلامة محمد صديق خان بن حسن (14/ 401، ط 1412ﻫ ، المكتبة العصرية).
[3] - "تفسير القرآن العظيم" للحافظ ابن كثير (8/ 262، ط 2، 1420هـ، دار طيبة).
[4] - "تفسير الطبري" (23/ 406 و407، دار هجر).
[5] - المرجع السابق (23/ 408).
[6] - يُنظَر "تفسير القرآن العظيم" (8/ 263 و264، مصدر سابق).
[7] - تُنظر الأقوال في "تفسير البغوي" (8/ 265، ط 1412ﻫ، دار طيبة).
[8] - المرجع السابق (8/ 266).
[9] - "تفسير الطبري" (23/ 410 و411، مصدر سابق). 
[10] - "تفسير البغوي" (8/ 265، مصدر سابق).
[11] - المرجع السابق (8/ 265).
[12] - نحوه في المرجع السابق (8/ 265).