الحمد لله، والصلاة
والسلام على خاتم رسل الله.
أمّا بعد
مِن مواعظ ابن الجوزي -رحمه
الله- موعظةٌ ابتدأها بقوله:
"إخواني!
أَيَّامُ العَافِيَة غنيمَةٌ بارِدَة
وأوقاتُ السَّلامَة
لَا تشبهها فَائِدَة
فَتَنَاولْ مَا
دَامَت لديكَ الْمَائِدَة
فَلَيْسَتِ السَّاعَاتُ الذاهبات بعائدة!
إلى أن قال في الخاتمة:
اسمعوا
وصايانا يَا مودِّعين!
إِذا
جنَّ اللَّيْلُ فسيروا فِي بَوادي الدُّجى
وأنيخوا
بِوادي الذُّلّ
واجلسوا
فِي كسرِ الانكسار
فَإِذا
فُتِح الْبَابُ للواصلين دونكم؛ فاهجموا هجومَ الْكَذَّابين!
وابسطوا
كفَّ {وَتَصَدَّقْ عَلَينَا}، لَعَلَّ هَاتفَ الْقبُولِ يقول: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْم}.
وَإِذ
جئْتُمْ ثنياتِ اللِّوى
* فلِجوا ربعَ الْحِمى فِي خَطري
وصِفوا
شوقي إِلَى سُكَّانه * واذْكُرُوا مَا
عنْدكُمْ مِن خبري
وَاحَنيني
نَحْو أَيَّامٍ مَضَت * بالحِمى لم أقْضِ مِنْكُم وطري!
كلما
اشْتقتُ تمنّيتُكم
* ضَاعَ عُمري بالْمُنَى واعُمري!
"المدهش" (ص660
و 664 – ط الكوثر).
مما يستحثُّ الهممَ لاغتنام
رمضان أنه إذا أتاك لن يعود! رمضان 1438ه، ذاك لن يعود إلى الأبد إلى الأبد!
ولنطرد هذا المعنى في كل عبادة؛ كل عبادة لو تأملنا فيها فإنها إذا فات وقتها لن
تعود، مثلًا: صلاة فجر 22 شعبان 1439، لن تعود أبدًا، أبدًا، فالتسويف الذي يخدِّر
العزيمة بأنك إذا قصَّرتَ الآن ستعوّض في الصلاة القادمة، وفي رمضان القادم؛ ينبغي
أن يُنسَف بهذا الانتباه. أما الذي أقعده عن الاغتنام عذرٌ ما، فقد يكون له في عود
(جنس) الموسم مجالٌ للتعويض، وفرصةٌ لردّ الخسارة، وذلك لِما يقوم في قلبه من
حرقةٍ على الفوت، وصدقٍ في حينه أنه لو لم يكن من أهل الأعذار لَما تخلف عن صفوف
المغتنمين.
أما أنت أيها الصحيح
المقيم المعافى المنعَّم! فلَكَ التنبيهُ! ولقلبك التفطين!
الإثنين 19 رمضان 1439 ه