الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام علىٰ
خاتم رسل الله، وعلىٰ آله وصحبه ومَن والاه.
أمَّا بعد
قال الحافظ المنذري رَحِمَهُ اللهُ:
رُوي(1)
عن ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال:
كُنْتُ
جَالِسًا مَعَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِ مِنى، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنَ
الأنصار، وَرَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ، فَسَلَّمَا ثم قَالا :
يَا
رَسُولَ اللَّهِ! جِئْنَا نَسْأَلُكَ، فقَالَ:
«إِنْ
شِئْتُمَا أَخْبَرْتُكُمَا بِمَا جِئتُما تَسْأَلانِي عَنْهُ فَعَلْتُ، وَإِنْ شِئْتُمَا
أَنْ أُمسِكَ وَتَسْأَلانِي فَعَلْتُ».
فقَالا
: أَخْبِرْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ!
فَقَالَ
الأَنْصَارِيُّ لِلثَّقَفِيِّ : سَلْ، فقَالَ: أَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ! فقَالَ:
«جِئْتَنِي
تَسْأَلُنِي عَنْ مَخْرَجِكَ مِنْ بَيْتِكَ تَؤُمُّ الْبَيْتَ الْحَرَامَ، وَمَا لَكَ
فِيهِ، وَعَنْ رَكْعَتَيْكَ بَعْدَ الطَّوَافِ، وَمَا لَكَ فِيهَا، وَعَنْ طَوَافِكَ
بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَمَا لَكَ فِيهِ، وَعَنْ وُقُوفِكَ عشيةَ عَرَفَةَ، وَمَا
لَكَ فِيهِ، وَعَنْ رَمْيِكَ الْجِمَارَ، وَمَا لَكَ فِيهِ، وَعَنْ نَحْرِكَ وَمَا
لَكَ فِيهِ، [وَعَنْ حَلقِكَ رَأْسَكَ، وَمَا لَكَ فِيهِ، وَعَنْ طَوَافِكَ بَعْدَ
ذَلِكَ، وَمَا لَكَ فِيهِ] مع الإفاضة).
فقَالَ
: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ! لَعَنْ هَذَا جِئْتُ أَسْأَلُكَ، قَالَ :
«فَإِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكَ تَؤُمُّ الْبَيْتَ
الْحَرَامَ؛ لَا تَضَعْ نَاقَتُكَ خُفًّا، وَلَا تَرْفَعْهُ، إِلا كَتَبَ اللَّهُ
لَكَ بِهِ حَسَنَةً، وَمَحَا عَنْكَ بِهِ خَطِيئَةً.
وَأَمَّا رَكْعَتَاكَ بَعْدَ الطَّوَافِ؛
كَعِتْقِ رَقَبَةٍ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ.
وَأَمَّا طَوَافُكَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؛
كَعِتْقِ سَبْعِينَ رَقَبَةً.
وَأَمَّا وُقُوفُكَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ؛
فَإِنَّ اللَّهَ تعالى يَهْبِطُ إِلَى سمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُبَاهِيَ بِكُمُ
الْمَلائِكَةَ، يَقُولُ: عِبَادِي جَاؤُونِي شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ
عَمِيقٍ، يَرْجُونَ رَحْمَتِي، فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُكُمْ كعَدَدِ الرَّمْلِ، أو
كَقَطْرِ المطَرِ، أَوْ كَزَبَدِ الْبَحْرِ؛ لَغَفَرْتُهَا، أَفِيضُوا -عِبَادِي !- مَغْفُورًا لَكُمْ، وَلِمَنْ شَفَعْتُمْ لَهُ.
وَأَمَّا رَمْيُكَ الْجِمَارَ؛
فَلَكَ بِكُلِّ حَصَاةٍ رَمَيْتَهَا تكفيرُ كَبِيرَةٍ مِنَ الْمُويِقَاتِ،
وَأَمَّا نَحْرُكَ؛ فَمَدْخُورٌ
لَكَ عِنْدَ رَبِّكَ.
وَأَمَّا حِلاقُكَ رَأْسَكَ؛
فَلَكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَلَقْتَهَا حَسَنَةٌ، وَيُمْحَى عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةٌ.
وَأَمَّا طَوَافُكَ بِالْبَيْتِ بَعْدَ ذَلِكَ؛
فَإِنَّكَ تَطُوفُ وَلا ذَنْبَ لَكَ، يَأْتِي مَلَكٌ، حَتَّى يَضَعَ يَدَيهِ
بَيْنَ كَتِفَيْكَ، فيَقُولُ: اعْمَلْ فيما تَسْتَقْبِلُ؛ فَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا
مَضَى».
رواه الطبراني في "الكبير"
والبزار، واللفظ له، وقال:
"وقد روي هذا الحديث من وجوه، ولا
نعلم له أحسن من هذا الطريق".
(قال المملي) رضي الله عنه: "وهي
طريق لا بأس بها، رواتها كلهم موثقون".
ورواه ابن حبان في "صحيحه"،
ويأتي لفظه في "الوقوف" إن شاء الله تعالى [آخر 9 - الترغيب في الوقوف.
.].
ورواه الطبراني في "الأوسط"
من حديث عُبادة بن الصامت، وقال فيه:
«فَإِنَّ لَكَ مِنَ الْأَجْرِ إِذَا أَمَّمْتَ الْبَيْتَ
الْعَتِيقَ: أَنْ لَا تَرْفَعَ قَدَمًا أَوْ تَضَعَهَا أَنْتَ وَدَابَّتُكَ
إِلَّا كُتِبَتْ لَكَ حَسَنَةٌ وَرُفِعَتْ لَكَ دَرَجَةٌ.
وَأَمَّا وُقُوفُكَ بِعَرَفَةَ؛
فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لِمَلَائِكَتِهِ: يَا مَلَائِكَتِي مَا جَاءَ
بِعِبَادِي؟
قَالُوا:
جَاءُوا يَلْتَمِسُونَ رِضْوَانَكَ وَالْجَنَّةَ. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
فَإِنِّي أُشْهِدُ نَفْسِي وَخَلْقِي أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ عَدَدَ أَيَّامِ
الدَّهْرِ، وَعَدَدَ الْقَطْرِ، وَعَدَدَ رَمْلِ عَالِجٍ.
وَأَمَّا رَمْيُكَ الْجِمَارَ؛ قَالَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ
جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
وَأَمَّا حَلْقُكَ رَأْسَكَ؛ فَإِنَّهُ
لَيْسَ مِنْ شَعْرِكَ مِنْ شَعْرَةٍ تَقَعُ فِي الْأَرْضِ إِلَّا كَانَتْ لَكَ نُورًا
يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَأَمَّا الْبَيْتُ إِذَا وَدَّعْتَ؛
فَإِنَّكَ تَخْرُجُ مِنْ ذُنُوبِكَ كَيَوْمِ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ».
__________
[تعليق
الوالد رَحِمَهُ اللهُ]:
(1) كذا الأصل، وفي بعض النسخ
"وعن" بحذف "روي"، ولعله الصواب؛ فإنه سيأتي هكذا في آخر (9- الترغيب
في الوقوف بعرفة. .)، ويؤيده أن المؤلف قد صرّح بصحته تحت الحديث الآتي (11- باب في
حلق الرأس في منى)، مع ذلك ضعّفه المعلِّقون الثلاثة بجهل بالغ. هداهم الله.
"صحيح الترغيب والترهيب" (11-
كتاب الحج/ 1- الترغيب في الحج والعمرة/ 2/ 9-12/ ح 1112 (حسن لغيره)).
الخميس 28 شوال 1439هـ