الصفحات

ما هو مَعْنى اسْمِ نبيِّنا (مُحَمَّدٍ) صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ -مِن "حاشية ثلاثة الأصول"-


نصّ السّؤال (رسالة الجوّال)

83- ما هو مَعْنى اسْمِ نبيِّنا (مُحَمَّدٍ) صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
وما هي كُنْيَتُه؟
ومَن هو أبوه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؟
وما سَبَبُ تَسْميةُ عَبْدِ المُطَّلِبِ وهاشِمٍ؟

البيان
الحمدُ لله، والصَّلاةُ والسَّلامُ علىٰ خيرِ خَلْقِ اللهِ محمَّدِ بنِ عبْدِ اللهِ، وعلىٰ آله وصحْبِه ومَنِ اتَّبع هُداه، أما بعد:
قال الإمامُ محمَّدُ بنُ عبدِ الوهَّاب رَحِمَهُ اللهُ:
(وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ* بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ**، وَهَاشِمٌ مِنْ قُرَيْشٍ).
قال الشيخُ عبدُ الرَّحمٰن بن محمَّد بن قاسم رَحِمَهُ اللهُ:
* كَانَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَّةُ أَسَمَاءٍ، أَشَهْرُهَا: مُحَمَّدٌ، وَلِهٰذَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ بِهٰذَا الِاسْمِ عَلَىٰ وَجْهِ التَّنْوِيهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَىٰ:
﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ (الأحزاب: من الآية 40).
﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ (آل عمران: من الآية 144).
﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ (الفتح: من الآية 29).
فَهٰذَا أَشْهَرُ أَسْمَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ، وَمَعْنَاهُ: الَّذِي يُحْمَدُ أَكْثَرَ مِمَّا يُحْمَدُ غَيْرُهُ. وَهُوَ عَلَمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ التَّحْمِيْدِ، وَلِمَا فِيْهِ مِنَ الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ[1].
وَلَقَبَهُ: أَبُو الْقَاسِمِ[2].
وَأَبُوْهُ: عَبْدُ اللهِ، وَهُوَ الذَّبيحُ الثَّانِي الْمُفَدَّىٰ بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ[3].
** عَبْدُ الْمُطَّلِبِ اسْمُهُ: شَيْبَةٌ، وَيُقَالُ لَهُ شَيْبَةُ الْحَمْدِ؛ لِجُوْدِهِ، وَجِمَاعُ أَمْرِ قُرَيْشٍ إِلَيْهِ[4].
وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ؛ لَأَنَّ عَمَّهُ الْمُطَّلِبَ قَدِمَ بِهِ مَكَّةَ وَهُوَ رَدِيفُهُ، وقد تَغَيَّرَ لَوْنُهُ بِالسَّفَرِ، فَحَسِبُوهُ عَبْدًا لَهُ، فَقَالُوا: هٰذَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، فَعَلِقَ بِهِ هٰذَا الِاسْمُ[5].
وَهَاشِمٌ اسْمُهُ: عَمْرٌو، وَإِنَّمَا سُمِّيَ هَاشِمًا؛ لِهَشْمِهِ الثَّرِيدَ مَعَ اللَّحْمِ لِقَوْمِهِ فِي سِنِي الْمَحْلِ[6]" اﻫ مِن "حاشية ثلاثة الأصول" ص 102 و103.

السبت 24 شوّال 1434


[1] - قال الحافظُ ابن كثير رَحِمَهُ اللهُ:
"قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: كُلُّ جَامِعٍ لِصِفَاتِ الْخَيْرِ يُسَمَّىٰ مُحَمَّدًا، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ:
إِلَيْكَ -أَبِيتَ اللَّعْنَ- أَعْمَلْتُ نَاقَتِي * إِلَى الْمَاجِدِ الْقَرْمِ الْكَرِيمِ الْمُحَمَّدِ
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: أَلْهَمَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ سَمَّوْهُ مُحَمَّدًا لِمَا فِيهِ مِنَ الصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ لِيَلْتَقِيَ الِاسْمُ وَالْفِعْلُ، وَيَتَطَابَقَ الِاسْمُ وَالْمُسَمَّىٰ فِي الصُّورَةِ وَالْمَعْنَىٰ، كَمَا قَالَ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ، وَيُرْوَىٰ لِحَسَّانَ:
             وَشَقَّ لَهُ مِنَ اسْـــــــمِهِ لِيُجِلَّهُ * فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَٰذَا مُحَمَّدُ" اﻫ مِن "البداية والنهاية" (3/ 389 و390، ط دار هجر).
[2] - الصحيحُ الذي يوافِق اللغةَ -على المشهور- ونصُّ الحديث به: أنّ هاته (كُنْيتُه) عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: دَعَا رَجُلٌ بِالبَقِيعِ: يَا أَبَا القَاسِمِ! فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لَمْ أَعْنِكَ! قَالَ:
«سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي» "صحيح البخاري" (2121).
وقال العلَّامة ملَّا عليّ القاري في "مرقاة المفاتيح" (7/ 2995، دار الفكر - بيروت):
"اعْلَمْ أَنَّ عُلَمَاءَ الْعَرَبِيَّةِ قَالُوا:
الْعَلَمُ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُشْعِرًا بِمَدْحٍ أَوْ ذَمٍّ، وَهُوَ اللَّقَبُ.
وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ؛ فَإِمَّا أَنْ يُصَدَّرَ بِأَبٍ أَوِ ابْنٍ، وَهُوَ الْكُنْيَةُ.
أَوْ لَا، وَهُوَ الِاسْمُ.
فَاسْمُهُ: مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَكُنْيَتُهُ: أَبُو الْقَاسِمِ.
وَلَقَبُهُ: رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَإِنَّمَا كُنِّيَ بِأَكْبَرِ أَوْلَادِهِ" اهـ.
[3] - جملة: "وَهُوَ الذَّبيحُ.." مِن "البداية والنهاية" لابن كثير (3/ 354، مصدر سابق)، وفيها ضبطُ كلمةِ (المفَدَّىٰ) هٰكذا: "الْمَفْدِيُّ"، وتُنظر قصة الفداء في المصدر المذكور (3/ 344 – 347).
والذبيح الأول هو إسماعيل عَلَيْهِ السَّلَامُ، على الصحيح؛ يُنظر تحقيق الإمام ابن القيم لذلك في "زاد المعاد" (1/ 71- 74، ط 3، 1418ﻫ، مؤسسة الرسالة).
[4] - جاء في "البداية والنهاية" (3/ 355، مصدر سابق): "وَاسْمُهُ شَيْبَةُ، يُقَالَ: لِشَيْبَةٍ كَانَتْ فِي رَأْسِهِ، وَيُقَالَ لَهُ: شَيْبَةُ الْحَمْدِ؛ لِجُودِهِ" اﻫ، وفيه (3/ 355 و356): "وَسَادَ فِي قُرَيْشٍ سِيَادَةً عَظِيمَةً، وَذَهَبَ بِشَرَفِهِمْ وَرِئَاسَتِهِمْ، فَكَانَ جِمَاعُ أَمْرِهِمْ عَلَيْهِ" اﻫ.
[5] - لم أجد مسألة تغيُّر اللون في أيِّ مصدر مِن مصادر السيرة مما وقفتُ عليه، فمثلًا جاء في "البداية والنهاية" (3/ 355، مصدر سابق): "... ثُمَّ جَاءَ عَمُّهُ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ فَأَخَذَهُ خُفْيَةً مِنْ أُمِّهِ، فَذَهَبَ بِهِ إِلَىٰ مَكَّةَ، فَلَمَّا رَآهُ النَّاسُ وَرَأَوْهُ عَلَى الرَّاحِلَةِ؛ قَالُوا: مَنْ هٰذَا مَعَكَ؟ فَقَالَ: عَبْدِي. ثُمَّ جَاءُوا فَهَنَّئُوهُ بِهِ وَجَعَلُوا يَقُولُونَ لَهُ: عَبْدُ الْمُطَّلِبِ؛ لِذٰلِكَ؛ فَغَلَبَ عَلَيْهِ" اﻫ، فالله أعلم.
[6] - ينظر "البداية والنهاية" لابن كثير (3/ 356، مصدر سابق).