الصفحات

النَّسَبُ الشَّريفُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ -مِن "حاشية ثلاثة الأصول"-



نصّ السّؤال (رسالة الجوّال)

84- تَكَلَّمِي عَنْ نَسَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ.

البيان
الحمدُ لله وحدَه، والصَّلاة والسَّلام علىٰ مَن لا نبيَّ بعدَه، وعلىٰ آله وصحْبه ومَن اتبع هديَه، أمّا بعد:
فقد قال الإمامُ محمَّدُ بنُ عبدِ الوهَّاب رَحِمَهُ اللهُ:
(وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، وَهَاشِمٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌ مِنَ الْعَرَبِ*، وَالْعَرَبُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلَامِ**).
قال الشيخُ عبدُ الرَّحمٰن بن محمَّد بن قاسم رَحِمَهُ اللهُ:
* قُرَيْشٌ: هُوَ النَّضْرُ[1]، فَإِنَّ إِلَيْهِ جِمَاعَ قُرَيْشٍ.
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَاشِمَ ابْنٌ لِعَبْدِ مَنَاٍف، وَاسْمُهُ: الْمُغِيْرَةُ بْنُ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لؤيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فَهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ.
وَمَا فَوْقَهُ فِيهِ خِلَافٌ.
وَالْعَرَبُ هُنَا الْمُرَادُ بِهِم: الْمُسْتَعْرِبَةُ؛ فَإِنَّ الْعَرَبِ قِسَمَانِ:
عَارِبَةٌ، وَمُسْتَعْرِبَةٌ.
والعَارِبَةُ: قَحْطَانُ، وَالْمُسْتَعْرِبَةُ: عَدْنَانُ.
وَهُمْ أَفَضْلَ مِنَ الْعَرَبِ العَارِبَة، كَيْفَ وَمِنْهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ! وَهُوَ الْقَائِلُ:
«إِنَّ اللهَ اصْطَفَىٰ بَنِي إِسْمَاعِيْلَ مِنَ الْعَرَبِ[2]، وَاصْطَفَىٰ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيْلَ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَىٰ مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَىٰ مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، واصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، فَأَنَا خِيَارٌ مِنْ خِيَارٍ»[3].
وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِهِرَقْلَ لَمَّا سَأَلَهُ: كَيْفَ هُوَ فِيكُمْ؟[4] قَالَ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ، قَالَ: وَهٰكَذَا الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَنْسَابِ قَوْمِهَا[5]، يَعْنِي: فِي أَكْرَمِهَا أَحْسَابًا.
** وَهٰذَا لَا خِلَافَ فِيْهِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْخَلِيْلَ مِنْ ذُرِّيَّةِ سَامِ بْنِ نُوْحٍ، وَذَكَرَ جُمْهُورُ الْمُؤَرِّخِيْنَ أَنَّ الْخَلِيْلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ [ا]بْنُ تَارَخَ[6] بْنِ نَاحُورَ بْنِ سَارُوغَ بْنِ رَاعُوَ[7] بْنِ فَالَغَ بْنِ عَابَرَ بْنِ شَالَخَ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ" اﻫ مِن "حاشية ثلاثة الأصول" ص 104.

الإثنين 26 شوّال 1434


[1] - وقيل: هو فِهْرُ بْنُ مَالِكٍ؛ "البداية والنهاية" (3/ 219، دار هجر).
[2] - لم أجد الحديثَ بهٰذا الصَّدْر، وقد رواه الحافظ الترمذي بِصَدْر:
(إِنَّ اللهَ اصْطَفَىٰ مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ: إِسْمَاعِيلَ)؛ ضعَّفه أبي رَحِمَهُ اللهُ وقال: "صحيح دون الاصطفاء الأول"؛ "ضعيف سنن الترمذي" (737)، و"سلسلة الأحاديث الصحيحة" تحت الحديث (302). 
[3] - لم أجد الحديث بهٰذا التمام، ونصُّه في "صحيح مسلم" (2276):
«إِنَّ اللهَ اصْطَفَىٰ كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَىٰ قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَىٰ مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ».
وجملة (خِيَارٌ مِنْ خِيَارٍ) جاء نحوُها في حديثٍ ضعَّفه أبي رَحِمَهُ اللهُ، ونصُّه:
(إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ، فَاخْتَارَ الْعُلْيَا فَأَسْكَنْهَا مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، ثُمَّ خَلَقَ الْخَلْقَ فَاخْتَارَ مِنَ الْخَلْقِ بَنِي آدَمَ، وَاخْتَارَ مِنْ بَنِي آدَمَ الْعَرَبَ، وَاخْتَارَ مِنَ الْعَرَبِ مُضَرَ، وَاخْتَارَ مِنْ مُضَرَ قُرَيْشًا، وَاخْتَارَ مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاخْتَارَنِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، فَأَنَا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ مِنْ خِيَارٍ إِلَىٰ خِيَارٍ، فَمَنْ أَحَبَّ الْعَرَبَ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَ الْعَرَبَ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ). يُنظر "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (338 و3038).
لٰكنّ معناها صحيح، ومِن أدلَّتِه: حديثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مرفوعًا: «بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ، قَرْنًا فَقَرْنًا، حَتَّىٰ كُنْتُ مِنَ القَرْنِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ»؛ "صحيح البخاري" (3557).
[4] - وجدته بلفظ: «كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟» "صحيح البخاري" (7)، و«كَيْفَ نَسَبُ هٰذَا الرَّجُلِ فِيكُمْ؟» "صحيح البخاري" (2941).
[5] - في أكثر كُتُب السُّنَّة: «تُبْعَثُ فِي نَسَبِ» بالإفراد، لٰكنْ جاء في "مسند أبي يعلىٰ" (2617) بالجمع: «تُبْعَثُ بِأَنْسَابِ».
واسم الإشارة (وَهٰكَذَا) في جميعِ ما وقفتُ عليه مِن مصادر: «وَكَذٰلِكَ».
[6] - وفي بعض المصادر (تارح) بالحاء المهملة، ينظر مثلًا "السيرة النبوية" لابن هشام (1/ 16، ط 3، 1410ﻫ، دار الكتاب العربي).
 و(تارخ/ تارح) هو (آزَرُ)؛ ينظر "تاريخ الطبري" (1/ 205، ط 2، 1387ﻫ، دار المعارف بمصر)؛ قال: "وَاسْمُهُ بالعربيَّةِ: آزَرُ".
[7] - (راعو) في بعض المصادر: (راغو) بالمعجَمة؛ "البداية والنهاية" (1/ 324، مصدر سابق)، وفي أخرىٰ: (أَرْغُوا)؛ "تاريخ الطبري" (1/ 205، مصدر سابق).