نصّ رسالة الجوال
4- فسِّري سورةَ (العَصْرِ) باختصار، ولاحِظِي وَجْهَ استِدلال المصنِّفِ بها على المسائلِ الأربَع.
|
البيان:
قال الإمام محمَّد بن عبد الوهَّاب رَحِمَهُ اللهُ:
(اعْلمْ رَحِمَكَ اللهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا تَعَلُّمُ أَرْبَع مَسَائِلَ:
الأُولَى: الْعِلْمُ: وَهُوَ مَعْرِفَةُ اللهِ، وَمَعْرِفَةُ نَبِيِّهِ، وَمَعْرِفَةُ دِينِ الإِسْلامِ بالأَدِلَّةِ.
الثَّانِيَةُ: الْعَمَلُ بِهِ.
الثَّالِثَةُ: الدَّعْوَةُ إِلَيْهِ.
الرَّابِعَةُ: الصَّبْرُ عَلَى الأَذَىٰ فِيهِ. وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
بِسْمِ اللهِ الرَّحمٰنِ الرَّحِيمِ
{وَالْعَصْرِ* (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ** (2) إِلا الَّذِينَ آمَنُوا*** وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ**** وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ***** وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ****** (3)} (سورة العصركاملة) ).
قال الشيخُ عبدُ الرحمٰن بن محمد بن قاسم رَحِمَهُ اللهُ:
"* أَقْسَمَ تَعَالَىٰ بِالْعَصْرِ، وَهُوَ: الدَّهْرُ، الَّذِي هُوَ:
· زَمَنُ تَحْصِيلِ الأَرْباحِ والأَعْمالِ الصَّالِحَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ.
· وَزَمَنُ الشَّقَاءِ لِلْمُعْرِضِينَ.
وَلِمَا فِيه مِنَ الْعِبَرِ وَالْعجائبِ لِلْنَّاظِرِينَ.
** أََي: جِنْسُ الإنسانِ مِنْ حَيْثُ هُوَ إنسانٌ فِي خَسَارٍ فِي مَسْعَاه وَلابُدَّ، إلا مَنِ اسْتَثْنَى اللهُ فِي هٰذِهِ السُّورَةِ، وَهُوَ مَنْ قَامَ بِهَـٰذِهِ الْخِصَالِ:
1. الإيمانِ بِاللهِ.
2. وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي نَفْسِهِ.
3. وَأَمْرِ غَيْرِهِ بِهِ.
4. وَالصّبرِ عَلَىٰ مَا نَالَهُ فِيه.
*** اسْتَثْنَى سُبْحَانَه وَتَعَالَىٰ الَّذِينَ آمَنُوا؛ فَإِنَّهُمْ لَيْسُوا فِي خُسْرٍ، فَفِيه:
مَا يُوجِبُ الْجِدَّ وَالاجْتِهَادَ فِي مَعْرِفَةِ الإيمانِ وَالْتِزَامِهُ. وَفِيه:
الْعلمُ؛ فَإِنَّه لا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِدونِ عَلْمٍ، وَفِيه حَيَاةُ الإنسانِ.
**** أيْ: لَيْسُوا فِي خُسْرٍ، بَلْ فَازُوا وَرَبِحُوا؛ لأَنَّهُمُ اشْتَرَوُا الآخِرةَ الباقِيَةَ بِالدُّنْيا الفَانِيَةِ، وَفِيه:
- الحَضُّ عَلَى الْعِلْمِ، فَإِنَّ الْعَامِلَ بِغَيْرَ عِلْمٍ لَيْسَ مِنْ عَمَلِهِ عَلَىٰ طَائِلٍ. وَفِيه:
- الْعَمَلُ وَهُوَ ثَمْرَةُ الْعِلْمِ.
***** أَوْصَىٰ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالإِيمانِ بِاللهِ وَتَوْحِيدِهِ، وَبِالْْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَالْعَمَلِ بِمَا فِيهِمَا، وَمِنْهُ: الدَّعْوَةُ إِلَيهِ.
****** أََيْ: عَلَىٰ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ، وإقامةِ أَمْرِ اللّهِ وَحُدودِهِ، وَيَدْخُلُ فِيه: الْحَقُّ الْوَاجِبُ وَالْمُسْتَحَبُّ، وَفِيه: الصّبرُ عَلَى الأذىٰ فِيه؛ فَإِنَّ مَنْ قَامَ بِالدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ فَلا بُدّ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ مِنَ الأذىٰ بِحَسَبَ مَا قَامَ بِهِ.
وَفِي هَـٰذِهِ السُّوْرَةِ الْكَرِيمَةِ:
التَّنْبيهُ عَلَىٰ أَنَّ جِنْسَ الإنسانِ كُلَّهُ فِي خَسَارٍ إلا مَنِ اسْتَثْنَى اللهُ، وَهُوَ:
مَنْ كَمَّلَ:
قُوَّتَهُ الْعِلْمِيَّةَ؛ بِالإيمانِ بِاللهِ. وَقُوَّتَهُ الْعَمَلِيَّةَ؛ بِالطَّاعَاتِ.
____________________________________________________________________________________________________________________________________________________
فَهٰذَا كَمَالُهُ فِي نَفْسِهِ.
______________________________________________________________________________________________
ثُمَّ كَمَّلَ غَيْرَهُ بِوَصِيَّتِهِ لَهُ بِذٰلِكَ، وَأَمْرِهِ بِهِ، وَبِمِلاكِ ذٰلِكَ وَهُوَ: الصّبرُ.
وَهٰذَا غَايَةُ الْكَمَالِ. وَمَعْنَىٰ ذٰلِكَ فِي القُرآنِ كَثِيرٌ" اﻫ مِن "حاشية ثلاثة الأصول" ص 18 و19.