خلاصةٌ في نَوعَيِ الدُّعاءِ - مِن "حاشية ثلاثة الأصول"-

نصّ رسالة الجوّال


29- ما الدليلُ مِن السُّنّة علىٰ أنَّ العبادةَ ليست إلا الدُّعاء؟
وما وجْهُ الدّلالة؟
وما هي أنواعُ الدُّعاء؟


البيان
قال الإمام محمَّد بن عبد الوهَّاب رَحِمَهُ اللهُ:
(.. وَفِي الْحَدِيثِ: (الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ )(1). وَالدَّلِيلُ: قَوْلُهُ تَعَالَىٰ:
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (غافر: 60) ).
قال الشيخُ عبدُ الرَّحمٰن بن محمَّد بن قاسم رَحِمَهُ اللهُ:
"هٰذَا شُرُوعٌ فِي ذِكْرِ أَدِلَّةِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ الَّتِي عَدَّهَا مُجْمَلَةً، فَأَمَّا الإسْلامُ وَالإيمانُ والإحْسَانُ فَسَيَأْتِي مُفَصَّلاً فِي الأصْلِ الثَّانِي، وَبَدَأَ بَعْدَهَا بِالدُّعَاءِ، لأَنَّهُ أَهَمُّهَا. فَقَالَ: وَفِي الْحَدِيثِ -يَعْنِي: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ)(1)، وَمُخُّ الشَّيْءِ: خَالِصُهُ، وفي لَفْظٍ: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ»(1)، وَأَتَىٰ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيه بِضَمِيرِ الْفَصْلِ وَالْخَبَرِ الْمُعَرَّفِ بِالأَلِفِ وَاللامِ؛ لِيَدُلَّ عَلَى الْحَصْرِ، وَأَنَّ الْعِبَادَةَ لَيْسَتْ غَيْرَ الدُّعَاءِ، وَإِنَّمَا هِي الدُّعَاءُ نَفْسُه.
ثُمَّ الدُّعَاءُ نَوْعَانِ(2):
دُعَاءُ مَسْأَلَةٍ: وَهُوَ طَلَبَ مَا يَنْفَعُ الدَّاعِي مِنْ جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضُرٍّ.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: دُعَاءُ عِبَادَةٍ، بِأََيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ: وَهُوَ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ سُؤَالٌ وَلا طَلَبٌ" اﻫ من "حاشية ثلاثة الأصول" ص49.
ـسسسسسسسـ
(1) الحديث بلفظ: (الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ) ضعيف، والصحيح: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ»، وللبيانِ مع مزيدِ فائدة؛ تُراجَع التَّدوينة:

مُقارَنةٌ بين: (الدُّعاءُ هو العبادة) و (الدُّعاءُ مُخُّ العبادة)

(2) الدُّعَاءِ وَالدَّعْوَةِ فِي الْقُرْآنِ يَتَنَاوَلُ مَعْنَيَيْنِ:
دُعَاءَ الْعِبَادَةِ، وَدُعَاءَ الْمَسْأَلَةِ.
وَكُلُّ سَائِلٍ رَاغِبٍ رَاهِبٍ، فَهُوَ عَابِدٌ لِلْمَسْئُولِ.
وَكُلُّ عَابِدٍ لَهُ فَهُوَ أَيْضًا رَاغِبٌ وَرَاهِبٌ، يَرْجُو رَحْمَتَهُ وَيَخَافُ عَذَابَهُ.
فَكُلُّ عَابِدٍ سَائِلٌ.
وَكُلُّ سَائِلٍ عَابِدٌ.
فَأَحَدُ الاسْمَيْنِ يَتَنَاوَلُ الآخَرَ عِنْدَ تَجَرُّدِهِ عَنْهُ.
وَلٰكِنْ إذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا؛ فَإِنَّهُ: 
يُرَادُ بِالسَّائِلِ: الَّذِي يَطْلُبُ جَلْبَ الْمَنْفَعَةِ وَدَفْعَ الْمَضَرَّةِ بِصِيَغِ السُّؤَالِ وَالطَّلَبِ.
وَيُرَادُ بِالْعَابِدِ: مَنْ يَطْلُبُ ذٰلِكَ بِامْتِثَالِ الأَمْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذٰلِكَ صِيَغُ سُؤَالٍ. انتهىٰ باختصار مِن "مجموع فتاوىٰ شيخ الإسلام ابن تيمية" (10/ 237 - 240).
فدعاءُ المسألةِ: طَلَبٌ بِلِسان المقال.
ودعاءُ العبادةِ: طَلَبٌ بِلِسان الحال.
ينظر "القول المفيد" للعلامة العثيمين رَحِمَهُ اللهُ -ط3، 1419 ﻫ، دار ابن الجوزي- (1/ 120 و262 و263).