عملية حسابية نافعة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على خاتم رسل الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه

أمّا بعد

فههنا عمليّة حسابيّة يَسيرة، تنفع الأذكياءَ أولي الألباب والبصيرة، أنقلها من كتاب الشيخ عبد العزيز السلمان -رحمه الله- "إيقاظ أولي الهِمَمِ العالية إلى اغتنامِ الأيامِ الخالية" (ص227 و228، ط4، 1407ه)، وهي في الأصل فقراتٌ مِن كلام ابن الجوزيّ -رحمه الله- في "لفتة الكبد"، وليس بحوزتي الآن:

"ومِن نصيحة والدٍ لولدِه:

اعلمْ أنَّ مَن تَفَكَّر في الدُّنيا قبل أن يوجَدَ؛ رَأَى مُدَّةً طويلةً.

فإذا تَفَكَّر في يومِ القيامة؛ عَلِمَ أنه خمسون ألفَ سَنَة.

فإذا تَفَكَّر في اللّبثِ في الجنةِ أو النَّار؛ عَلِمَ أنه لا نهايةَ لهُ!

فإذا عاد إلى النَّظَرِ في مقدارِ بقائِه -فَرَضْنَا ستِّين سَنةً مثلًا-؛ فإنه يَمضي منها ثلاثون سَنةً في النوم، ونحوٌ مِن خمسَ عشرَة في الصِّبا.

فإذا حَسَبَ الباقي؛ كان أكثرَ في الشهواتِ والمطاعِمِ والمكاسِب.

فإذا خَلَصَ مَا لِلآخِرةِ؛ وجد فيه مِنَ الرِّياءِ والغفلةِ كثيرًا.

فبماذا تشتري الحياةَ الأبديةَ وإنما الثَّمَنُ هذهِ السَّاعاتُ؟!

فانتبهْ -يا بُنيَّ!- لِنَفْسِكَ.

واندَمْ على ما مضى مِن تفريطِك.

واجتهد في لحاقِ الكاملين ما دام في الوقت سعةٌ.

واسْقِ غُصنَكَ ما دامتْ فيه رُطوبةٌ.

واذكٌر ساعتَكَ التي ضاعتْ؛ فكفى بها عِظة؛ ذَهبتْ لذةُ الكسَلِ فيها، وفاتت مراتبُ الفضائل.

وقد كان السلفُ الصالحُ رحمهمُ اللهُ يحبُّون جمْعَ كُلِّ فضيلةٍ، ويَبكون على فواتِ واحدةٍ منها؛ قال إبراهيمُ بنُ أدهم -رحمه الله-: دخلنا على عابدٍ مريضٍ، وهو ينظُر إلى رِجلَيه ويَبكي، فقلنا: ما لك تبكي؟ فقال: على يومٍ مضى ما صُمْتُه، وعلى ليلةٍ ذهبتْ ما قمتُها". والله أعلم، وصلى اللهُ على محمَّد" اهـ.

وبعد!

فإذا تابعنا العمليّةَ الحسابيّةَ في هذا الزمن الخاصّ (رمضان)، الكائنِ )أيامًا مَعْدُودَاتٍ(.

ثم في الزمنِ الأخصِّ (ليالي العشر الأواخر).

فهل سيبقى مِن الساعات سوى سويعات؟!

فاللهمَّ! أعِنَّا على شُكرِكَ، وذِكركَ، وحُسْنِ عبادتِكَ.



الثلاثاء 23 رمضان 1440هـ