الحمدُ للهِ وَحْدَه، والصَّلاةُ والسَّلامُ علىٰ مَن لا نبيَّ
بعده، وعلىٰ آلِه وصحبه ومَن نهَجَ نهجَه.
أمّا بعد
بوّب العَلَّامةُ مقبل الوادعيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ:
مَن أَشْكَلَتْ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةُ
الْعِلْمِيَّةُ يَقُولُ:
اللّهُمَّ! فَهِّمْنِيْهَا
ثم قال:
قال
ابن إسحاق كما في "السيرة" لابن هشام ج1ص474:
فَحَدّثَنِي
نَافِعٌ مَوْلَىٰ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ،
عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ:
اتَّعَدْتُ
لَمّا أَرَدْنَا الْهِجْرَةَ إلَى الْمَدِينَةِ أَنَا وَعَيّاشُ بْنُ أَبِي
رَبِيعَةَ، وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ السّهْمِيّ التَّناضُبَ مِنْ
أَضَاةِ بَنِي غِفَارٍ، فَوْقَ سَرِفٍ، وَقُلْنَا: أَيُّنَا لَمْ يُصْبِحْ
عِنْدَهَا؛ فَقَدْ حُبِسَ فَلْيَمْضِ صَاحِبَاهُ.
قَالَ:
فَأَصْبَحْت أَنَا وَعَيّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ عِنْدَ التّنَاضُبِ، وَحُبِسَ
عَنّا هِشَامٌ، وَفُتِنَ فَافْتُتِنَ.
قال
ابن إسحاق كما في "السيرة" ج1ص475:
وَحَدَّثَنِي
نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ قَالَ:
فَكُنّا
نَقُولُ: مَا اللهُ بِقَابِلٍ مِمَّنْ افْتُتِنَ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا وَلَا
تَوْبَةً؛ قَوْمٌ عَرَفُوا اللهَ ثُمّ رَجَعُوا إلَى الْكُفْرِ لِبَلَاءٍ
أَصَابَهُمْ!
قَالَ:
وَكَانُوا يَقُولُونَ ذٰلِكَ لِأَنْفُسِهِمْ.
فَلَمّا
قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ؛ أَنْزَلَ اللهُ
تَعَالَىٰ فِيهِمْ وَفِي قَوْلِنَا وَقَوْلِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ:
﴿قُلْ
يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ
اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
(53) وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ
الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم
مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ
(55)﴾
(سورة الزُّمَر).
قَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ: فَكَتَبْتُهَا بِيَدِي فِي صَحِيفَةٍ وَبَعَثْتُ بِهَا
إلَىٰ هِشَامِ بْنِ الْعَاصِي.
قَالَ:
فَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِي:
فَلَمّا أَتَتْنِي جَعَلْتُ أَقْرَؤُهَا بِذِي
طُوًى، أُصَعِّدُ بِهَا فِيهِ وَأُصَوِّبُ، وَلَا أَفْهَمُهَا! حَتّىٰ قُلْتُ:
اللّٰهُمَّ! فَهِّمْنِيهَا.
اللّٰهُمَّ! فَهِّمْنِيهَا.
قَالَ:
فَأَلْقَى اللهُ تَعَالَىٰ فِي قَلْبِي أَنّهَا إنّمَا أُنْزِلَتْ فِينَا،
وَفِيمَا كُنَّا نَقُولُ فِي أَنْفُسِنَا وَيُقَالُ فِينَا.
قَالَ:
فَرَجَعْتُ إلَىٰ بَعِيرِي، فَجَلَسْتُ عَلَيْهِ، فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ.
هٰذا
حديثٌ حسن.
وقد
أخرجه البزار كما في "كشف الأستار" (جـ 2، ص 302)، وأخرجه الحاكم (جـ 2،
ص 435)، وقال: "صحيح علىٰ شرط مسلم"، كذا قال، ومسلمٌ إنما روىٰ لِابن
إسحاق قدرَ خمسة أحاديث في الشواهد والمتابَعات" اﻫ
مِن "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين" (2/
426 و427، ط1، 1416ﻫ، مكتبة ابن تيمية).
قال الأمير الصنعاني رَحِمَهُ اللهُ:
فَمَا الفَهْمُ إلَّا مِن عَطَايَاهُ
لا سِوَىٰ * بَلِ الخَيرُ كُلُّ الخَيرِ مِنْهُ يُصَابُ
"ديوانه" (21، ط1، 1384ﻫ،
مطبعة المدني).
الأحد 9 ذي القعدة 1434ﻫ