للحُفَّاظِ والمتحفِّظين وعمومِ قُرّاء كتابِ ربِّنا العظيم:
بسم الله الرحمٰن الرحيم
الحمدُ لله المحمودِ علىٰ كل حال، وصلاةً
وسلامًا علىٰ خاتم رسِله دائمَين تَوالي الغدوِّ والآصال، وعلىٰ كريم صحبه والآل.
أمّا بعد
سلّى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ نبيَّه صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحريصَ علىٰ هداية العِباد، ناهيًا إياه عن الحزنِ
بقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لَا يَحْزُنكَ﴾[1]، وقد ورد
هٰذا في خمسة مواضع، بعضها بواو العطف أو الاستئناف، وبعضها بفاء جواب الشرط أو
الاستئناف، وموضع وحيد سُبِق بِنِداء. ونلاحظ أنّ الفاء اختصت بالموضعين
الأخيرين مِن المصحف:
1/ في (آل عمران): ﴿الَّذِينَ
قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ
فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)
فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ
وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ
الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم
مُّؤْمِنِينَ (175) وَلَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ
يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ
أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176)﴾.
2/ في (المائدة): ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ
لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ
مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ
الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰـذَا
فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن
تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَـٰـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن
يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ
عَظِيمٌ (41)﴾.
3/ في (يونس): ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ
لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ
يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لَا
تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا
هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65)﴾▣.
4/ في (لقمان): ﴿وَمَن يُسْلِمْ
وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ
وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22) وَمَن كَفَرَ فَلَا
يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (23)﴾.
5/ في (يسۤ): ﴿وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ
آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ (74) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ
جُندٌ مُّحْضَرُونَ (75) فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ
إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76) )﴾▣.
فيا مَن أَمَضَّه ضلالُ مَن ضلّ! لا
تحزن؛ فإن اللهَ هو السميع العليم، عليمٌ بذات الصدور، يَعلم ما يُسِرُّون وما
يُعلنون، ولن يَضرُّوه -عَزَّ وَجَلَّ- شيئًا، وإليه المرجع سُبحَانَه! والعِزَّةُ
له جـميــــــــــعًا، وهدايةُ التوفيقِ بيده وحَده؛ فلن تملك لهم مِن الله شيئًا.
▣ مناسَبَةُ آيةِ يونس: ﴿وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا
هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65)﴾ لِما قَبْلها
قال العلَّامة البقاعي رَحِمَهُ اللهُ:
"وَلَمَّا
تَقَدَّمَتِ البُشْرىٰ بنفْيِ الخوفِ والحزنِ معًا عنِ الأَولياء؛ عُلِم أنَّ المعنىٰ:
هٰذه البُشرْىٰ لِلأولياءِ وأنتَ رَأسُهم؛ فَلا تَخَفْ، فعطف عليه قوله: ﴿وَلَا
يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ﴾ أي في نحوِ قولهم إنهم يَغلبون، وفي تكذيبِك والاستهزاءِ
بك وتهديدِك، فإنَّ ذٰلك قولٌ يُراد به تبديلُ كلماتِ اللهِ الغنيِّ القديرِ، وهيهات
ذٰلك مِن الضعيف الفقير، فكيف بالعليِّ الكبير! وإلىٰ هٰذا يُرشِد التعليلُ لِهٰذا
النهي بقوله: ﴿إِنَّ الْعِزَّةَ﴾ أي الغلبة والقهر وتمام العظَمة ﴿لِلَّهِ﴾ أي
الملِك الأعلىٰ، حال كونها ﴿جَمِيعًا﴾، أي: فسيذلُّهم
ويعزُّ دِينَه. والمرادُ بذٰلك التسليةُ عن قولهم الذي يؤذونه به" اﻫ مِن "نظم
الدُّرر" (3/ 462 - ط دار الكتب العلمية).
▣ نوعُ الوقفِ علىٰ ﴿قَوْلُهُمْ﴾ مِن الموضعين
وقفُ بيانٍ تامٌّ أو كافٍ.
فيَلزم الوقفُ علىٰ ﴿قَوْلُهُمْ﴾ فيهما؛ لبيان المعنىٰ؛ لِأنّ
الوصل قد يوهِم أنَّ ما بَعده هو مَقول القول، وأنه سببُ حُزن النبيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ! وهٰذا واضح الخطأ، بل هو جملةٌ مستأنفةٌ
تُعَلِّل النَّهيَ عنِ الحزنِ.
وهو مُنبَّهٌ إليه في كتبِ الوقف
والابتداء، والتفاسير، وغيرها.
هل الحُزن محمودٌ أم
مذموم؟
قال شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَةَ -رَحِمَهُ
اللهُ- في "مجموع الفتاوىٰ" (10/ 16 و17):
"وَأَمَّا
الْحُزْنُ فَلَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِهِ وَلَا رَسُولُهُ، بَلْ قَدْ نَهَىٰ عَنْهُ
فِي مَوَاضِعَ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِأَمْرِ الدِّينِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَىٰ:
﴿وَلَا تَهِنُوا
وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ﴾،
وَقَوْلِهُ:
﴿وَلَا
تَحْزَنْ
عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾. وَقَوْلِهُ:
﴿إذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ
لَا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾.
وَقَوْلِهُ:
﴿وَلَا
يَحْزُنْكَ
قَوْلُهُمْ﴾.
وَقَوْلِهُ:
﴿لِكَيْلَا
تَأْسَوْا
عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾. وَأَمْثَالُ
ذَٰلِكَ كَثِيرٌ.
وَذَٰلِكَ
لِأَنَّهُ لَا يَجْلِبُ مَنْفَعَةً، وَلَا يَدْفَعُ مَضَرَّةً؛ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ،
وَمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ لَا يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ.
نَعَمْ؛
لَا يَأْثَمُ صَاحِبُهُ إذَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِحُزْنِهِ مُحَرَّمٌ، كَمَا يَحْزَنُ
عَلَى الْمَصَائِبِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ
وَسَلَّمَ:
«إنَّ اللَّهَ
لَا يُؤَاخِذُ عَلَىٰ دَمْعِ الْعَيْنِ، وَلَا عَلَىٰ حُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَٰكِنْ
يُؤَاخِذُ عَلَىٰ هَٰذَا، أَوْ يَرْحَمُ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَىٰ لِسَانِهِ-»[2]. وَقَالَ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«تَدْمَعُ الْعَيْنُ،
وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إلَّا مَا يُرْضِي الرَّبَّ»[3]. وَمِنْهُ
قَوْله تَعَالَىٰ:
﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ
وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ
كَظِيمٌ
(84)﴾ (يوسف).
وَقَدْ يَقْتَرِنُ
بِالْحُزْنِ مَا يُثَابُ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ وَيُحْمَدُ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ مَحْمُودًا
مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ، لَا مِنْ جِهَةِ الْحُزْنِ؛ كَالْحَزِينِ عَلَىٰ مُصِيبَةٍ
فِي دِينِهِ وَعَلَىٰ مَصَائِبِ الْمُسْلِمِينَ عُمُومًا؛ فَهَٰذَا يُثَابُ عَلَىٰ
مَا فِي قَلْبِهِ مِنْ حُبِّ الْخَيْرِ وَبُغْضِ الشَّرِّ وَتَوَابِعِ ذَٰلِكَ، وَلَٰكِنَّ
الْحُزْنَ عَلَىٰ ذَٰلِكَ إذَا أَفْضَىٰ إلَىٰ تَرْكِ مَأْمُورٍ مِنَ الصَّبْرِ وَالْجِهَادِ
وَجَلْبِ مَنْفَعَةٍ وَدَفْعِ مَضَرَّةٍ؛ نُهِيَ عَنْهُ، وَإِلَّا كَانَ حَسْبُ صَاحِبِهِ
رَفْعَ الْإِثْمِ عَنْهُ مِنْ جِهَةِ الْحُزْنِ، وَأَمَّا إنْ أَفْضَىٰ إلَىٰ ضَعْفِ
الْقَلْبِ وَاشْتِغَالِهِ بِهِ عَنْ فِعْلِ مَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِهِ؛ كَانَ
مَذْمُومًا عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ، وَإِنْ كَانَ مَحْمُودًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَىٰ"
اﻫ.
وقال أيضًا -رَحِمَهُ اللهُ- في "جواب
الاعتراضات المصرية" (ص 63 -65، ط1، 1429ﻫ، عالم الفوائد):
"... فإنّ من الضحكِ والبكاءِ ما يَأمُر اللهُ به ويَنهىٰ عنه،
ولهٰذا قال اللهُ تعالىٰ:
﴿أَفَمِنْ هَٰذَا
الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60)﴾ (النجم)،
وقال:
﴿إِنَّ الَّذِينَ
أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29)﴾ (المطففين)،
فذمَّهم علىٰ ذٰلك. وقال:
﴿خَرُّوا سُجَّدًا
وَبُكِيًّا (58)﴾ (مريم: من الآية 58)، وقال:
﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ
يَبْكُونَ﴾
(الإسراء: من الآية 109)، فجعل ذٰلك مِن أعمالهمُ الصالحة.
بلِ
الفرحُ والحُزنُ قد يَدخل تحت الأمر والنهيِ استحبابًا أو إيجابًا، كقوله:
﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا
عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾ (الحديد: من
الآية 23).
وقد ذمَّ اللهُ
الفَرَحَ بغيرِ الحقِّ، وأمرَ بالفرَح بالإيمان، ونهىٰ عن الحزنِ الذي يَضرُّ، وذٰلك
أصلُ الضحكِ والبكاء؛ فقال:
﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ
وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ (يونس: من
الآية 58)، وقال:
﴿ذَٰلِكُم بِمَا
كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ
(75)﴾
(غافر)، وقال:
﴿إِذْ قَالَ لَهُ
قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ (القصص:
من الآية 76)، وقال:
﴿وَلَا تَهِنُوا
وَلَا تَحْزَنُوا﴾ (آل عمران: من الآية 139)، وقال:
﴿وَلَا تَحْزَنْ
عَلَيْهِمْ﴾
(النمل: من الآية 70)، وقال:
﴿وَلَا يَحْزُنكَ
قَوْلُهُمْ﴾
(يونس: من الآية 65).
فنهىٰ
عن الحزن الذي يضُرُّ، كالحزنِ على الكفار المكذِّبين، والحزنِ إذا غُلِبَ المسلمون
أو خافوا مِن عدوِّهم، والحزنِ مِن قولهم؛ فإنّ هٰذا الموطن يُؤْمَر فيه بالثباتِ والقوَّةِ
والقيامِ بالواجب مِن التبليغِ والجهاد، والحزنُ يُضعِف عن هٰذا الواجب، وما أفضَىٰ
إلىٰ تركِ واجبٍ؛ نُهِيَ عنه، وكذٰلك ما يَشغَلُ عن المستحبّ؛ لم يكن حَسنًا.
وأما الحزن على
الميت ونحوِه فيُرخَّص منه في الحزنِ الذي لا معصيةَ فيه وفي الدمْع، كما يُستحبُّ
فيه رحمةُ الميت، إذ ليس في ذٰلك تركُ واجبٍ ولا تعدِّي حدٍّ، كما قال النبيُّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إنَّ اللهَ
لَا يُؤاخِذُ عَلىٰ دَمْعِ العَينِ، ولَا حُزْنِ القَلْبِ»[4]، وهٰذا
هو الذي لا يملِكُه العبدُ، بل يكون بغير اختياره علىٰ سببٍ غيرِ محرَّم، فلهٰذا؛ لم
يؤاخِذِ اللهُ عليه، كما قال: «ما كان مِن العين والقلب فمِن الله، وما كان مِن اليد
واللسان فمِن الشيطان»[5]. فالذي
يَخلقه اللهُ وليس مِن مقدور العبدِ؛ عفَا عنه، وهو الذي يجب القولُ به مِن احتجاجِ
ابن عباس، وهو قولُه: "إنّ الله أضحكَ وأبكىٰ"[6]، فهٰذا
هو مِن الله. وأمّا ما كان مِن اليدِ واللسان؛ فذٰلك مما يَأمر به الشيطانُ، فيدخل
تحتَ العقاب وإن كان اللهُ هو خالقُ كلِّ شيءٍ، ولولا هٰذا لم تُعذَّب نائحة!..."
اﻫ المراد.
الإثنين 29 شوال 1435ﻫ
[1] - وفي قراءة نافعٍ بضمِّ الياءِ وكسرِ الزَّاي: ﴿لَا يُحْزِنكَ﴾.
[2] - متفق عليه مِن حديث عبد الله بن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُما،
بلفظ: «إنَّ اللهَ لَا يعذِّب بـ»، «ولٰكن يعذِّب بـ»، "صحيح البخاري"
(1304)، "صحيح مسلم" (924).
[3] - متفق عليه من حديث أنس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، واللفظ لمسلم
(2315)، وفيه: «مَا يَرْضَىٰ رَبَّنَا».
[4] - سبق.
[5] - رواه الإمام أحمد رَحِمَهُ اللهُ، وضعّفه أبي رَحِمَهُ اللهُ؛
"ضعيف الجامع" (2989).
[6] - ينظر في الكتاب المذكور "جواب
الاعتراضات" ص 61، وبدء الكلام ص 59.