الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام علىٰ
خاتم رسل الله، وعلىٰ آله وصحبه ومَن والاه
أمَّا بعد
قال الحافظ المنذري رَحِمَهُ اللهُ:
عَنْ
أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
صَلَّى
بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ بـ (الْمُخَمَّصِ)،
وَقَالَ:
«إِنَّ
هَذِهِ الصَّلَاةَ عُرِضَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوهَا، فَمَنْ
حَافَظَ عَلَيْهَا؛ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ». الحديث.
رواه مسلم والنسائي.
(المخمص): بضم الميم وفتح الخاء المعجمة
والميم جميعًا، وقيل: بفتح الميم وسكون الخاء وكسر الميم بعدها، وفي آخره صاد مهملة:
اسمُ طريق(1).
__________
[تعليق
الوالد رَحِمَهُ اللهُ]:
(1) أي: في جبل (عَير) إلى مكة.
كما في "معجم البلدان"، وقيّده بالضبط الثاني، كـ (مَنْزِل)، وبه صرّح في
"القاموس"، وبالضبط الأوّل قُيِّدَ في "مسلم"، وقيل غير ذلك.
"صحيح
الترغيب والترهيب" (5- كتاب الصلاة/ 23- الترغيب في المحافظة على الصبح
والعصر/ 1/ 315/ ح 460 (صحيح)).
فائدة في معنى « كَانَ لَهُ أَجْرُهُ
مَرَّتَيْنِ»
قال شيخ الإسلام ابنُ تَيْمِيَةَ -رَحِمَهُ
اللهُ- في "شرح عمدة الفقه" (2/161و162 – ط المجمع):
"فبَيَّن صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ مَن قبْلنا ضيَّعوها، وما هذا شأنه فهو جدير أن يؤمر
بالمحافظة عليه، وأنَّ لنا أجرين بهذه المحافظة، وهما -والله أعلم- الأجران المشار
إليهما بقولِه تعالى: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا
بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ [الحديد:28]، وفي
المَثَلِ المضروب لنا ولأهل الكتابين، وهو ما رواه جماعة من الصحابة، منهم ابن عمر
عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ
قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ، كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ العَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ،
ومَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ،
فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ غُدْوَةَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ؟
فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ. ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى
صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلى قِيراطٍ؟ فَعَمِلَتِ النَّصَارَى. ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ
لِي مِنَ الْعَصْرِ إِلَى مَغِيب الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ؟ فَأَنْتُمْ هُمْ. فَغَضِبَتِ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، قَالُوا: كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلًا وَأَقَلَّ عَطَاءً. قَالَ:
هَلْ نَقَصْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَذَلِكَ فَضْلِي، أُوتِيهِ
مَنْ أَشَاءُ» رواه أحمد والبخاري والترمذي وصححه. وذلك إنما استحققنا الأجرين بحفظ
ما ضيَّعوه وهو صلاة العصر" اﻫ .
وقال الطيبي -رَحِمَهُ اللهُ- في
"شرحه على المشكاة" (4/ 1124 – ط 1، 1417ﻫ، مكتبة نزار مصطفى الباز):
"قوله: «أَجْرُهُ
مَرَّتَيْنِ» أقول:
إحداهما للمحافظةِ عليها
خلافًا لمن قبلهم.
وثانيتهما أجرُ عملِه كسائر
الصلاة" اﻫ.