الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام علىٰ
خاتم رسل الله، وعلىٰ آله وصحبه ومَن والاه.
أمَّا بعد
قال الحافظ المنذري رَحِمَهُ اللهُ:
[عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ][1]
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أُتِيَ بِرَجُلٍ يُصَلِّي
عَلَيْهِ فقَالَ:
«كَمْ
تَرَكَ؟».
قَالُوا:
دِينَارَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً. قَالَ:
«تَرَكَ
كَيَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ كَيَّاتٍ»(1).
رواه البيهقي من رواية يحيى بن عبد الحميد
الحِمّاني.
__________
[تعليق أبي رَحِمَهُ اللهُ]:
(1) في الأصل هنا ما نصُّه:
"فَلَقِيتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْقَاسِمِ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، فَذَكَرْتُ
ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: "ذَاكَ رَجُلٌ كَانَ يَسْأَلُ النَّاسَ تَكَثُّرًا".
والحديث مخرج في "الصحيحة" (3483)[2].
"صحيح
الترغيب والترهيب" (8- كتاب الصدقات/4- الترهيب من المسألة وتحريمها مع الغنى/
1/ 488/ ح 801 (صحيح
لغيره)).
وقال الحافظ المنذري في بابٍ آخر:
وعن
أبي أمامة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
أنَّ
رَجُلًا تُوُفِّي على عهْدِ رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يُوجد
له كَفَنٌ، فأُتِي النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال:
«انظروا
إلى داخِلَةِ إزاره»، فأُصيبَ دينارٌ أو ديناران، فقال:
«كَيَّتَانِ».
وفي رواية:
تُوُفِّي
رجلٌ من أهل الصُّفَّة، فَوُجِدَ فِي مِئْزَرِهِ دِينَارٌ، فقال رسولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«كَيَّةٌ».
ثم
تُوُفِّي آخر، فَوُجِدَ فِي مِئْزَرِهِ دِينَارَانِ، فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«كَيَّتَانِ».
رواه أحمد والطبراني من طرق، ورواة بعضها
ثقات أثبات؛ غير شهر بن حوشب.
وعن
عبد الله بن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال:
تُوُفِّيَ
رجُلٌ مِن أهْلِ الصُّفَّة، فوجدوا في شَمْلَتِهِ دِينارَين، فذكروا ذلك لِلنبيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال:
«كَيَّتَانِ».
رواه أحمد، وابن حبان في "صحيحه".
(قال الحافظ): "وإنما كان كذلك؛ لأنَّه
ادَّخر مع تلبُّسِه بالفقر ظاهرًا، ومشاركته الفقراءَ فيما يأتيهم مِن الصدقة. والله
أعلم".
"صحيح الترغيب والترهيب" (8-
كتاب الصدقات/ 15- الترغيب في الإنفاق في وجوه الخير كرمًا، والترهيب من الإمساك والادِّخار
شحًّا/ 1/ 555/ ح 935 و936 (صحيح لغيره، حسن صحيح)).
في هذا المعنى عدة أحاديث، وينظر تحقيق أبي
-رَحِمَهُ اللهُ- في "الصحيحة" (2637) و(3483)، وللفائدة أنقل ما ذكره
في (فقه الحديث) الثاني:
"أقول: لعل
الرجل الذي جاء فيه هذا الوعيدُ الشديد: إنما كان لِأمرٍ غيرِ مجردِ تركِه دينارَين
أو ثلاثة؛ لِأنّ مِثل هذا الأمرِ لا يَستحقُّ صاحبُه النارَ باتفاق العلماء، ألا تَرى
إلى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:
«إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ
وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ»
.
متفق عليه، وهو
في «الإرواء» (3/416 و 417) .
وقوله صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للنجديِّ جوابًا على سؤاله: هل عليَّ غيرهن؟ قال:
«لَا، إِلَّا أَنْ
تَطَّوَّعَ».
رواه الشيخان، وهو
مخرج في «صحيح أبي داود» (415)، ونحوهما في السُّنَّة كثير؟!
ومِن أبواب الإمام
البخاري في «صحيحه»:
(بَابٌ: مَا أُدِّيَ
زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ [أَوَاقٍ] صَدَقَةٌ»). وانظر «فتح الباري» (3/271 -273)
.
وعلى هذا؛ فلعلَّ
الرجل كان قد:
▫ أخلَّ بالقيام ببعض الواجبات المتعلقة بحقوق المال مثل:
- الإنفاق على العيال
- أو إطعام الجائع
- وكسوة العاري
▫ أو التظاهر بالفقر؛
كما في مرسل علقمة المزني قال:
كان أهل الصُّفَّةِ
يَبيتون في المسجد، فتُوفِّي رَجُلٌ منهم، ففُتِح إزارُه، فوُجِد فيه ديناران، فقال
النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«كَيَّتَانِ».
أخرجه عبد الرزاق
في «مصنفه» (1/421/1649) .
▫ أو سؤال الناس تكثُّرًا
كما تقدَّم في أثرِ مولى أبي بكر، ونحو ذلك!
والله سبحانه وتعالى
أعلم" اﻫ
من "الصحيحة" (7/ ق3 / 1411 و1412).
الإثنين 27 شوال 1437هـ