نصّ السّؤال (رسالة الجوّال)
49- ما معنىٰ كلمةِ (إلٰه)؟
وما هما رُكْنَا شهادةِ (لا إلٰه إلا الله)؟
وما هي شُرُوطُها؟
وهل قولُنا: "اللهُ إلٰهٌ" يُساويها؟
مع التوضيح.
|
البيان
قال الإمام محمَّد بن عبد الوهَّاب رَحِمَهُ اللهُ:
(وَمَعْنَاهَا: لا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إلا اللهُ:
(لا إلٰهَ) نَافِيًا جَمِيعَ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ*.
(إِلا اللهُ) مُثْبِتًا الْعِبَادَةَ للهِ وَحْدَهُ**).
قال الشيخُ عبدُ الرحمٰن بن محمد بن قاسم رَحِمَهُ اللهُ:
"* الإلٰهُ: فِعَالٌ بِمَعْنَىٰ: مَفْعُولٍ، كَكِتَابٍ بِمَعْنَىٰ: مَكْتُوبُ، مُشْتَقٌّ مِنْ: أَلَهَ، يَأْلَهُهُ إِلَـٰهَةً، أََيْ: عَبَدَ يَعْبُدَ عِبَادَةً؛ لَفَظَا وَمَعْنًى، وَالإلٰهُ: هُوَ الْمَعْبُودُ الْمُطَاعُ.
فَالنَّفْيُ فِي كَلِمَةٍ الإخْلاصِ: (لا إِلٰهَ) أََيْ: لا مَأْلُوهَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ إلا اللهُ، فَإذا قُلْتَ: لا إِلٰهَ؛ كُنْتَ نَافَيًا جَمِيعَ مَا يُعْبَدُ دُونَ مَا سِوَى اللهِ، يَعْنِي: وَالآلِهَةُ غَيْرَ اللَّهِ كَثِيرَةٌ طِبْقَ الأَرْضِ، وَلٰكِنْ بِالْبَاطِلِ وَالضَّلالِ، وَإِنَّمَا الإلٰهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ هُوَ اللهُ وَحْدَهُ.
وَآلِهَةُ الْمُشْرِكِينَ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللهُ إِنَّمَا هِي مُجَرَّدُ ظَنٍّ مِنْهُمْ وَاتِّبَاعٌ لِهَوَاهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَىٰ: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّىٰ} (النَّجْم: 19)، إِلَىٰ قَولِهِ: {إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَىٰ} (النَّجْم: 23).
** أَيْ: وَالإثْبَاتُ فِي كَلِمَةِ الإخْلاصِ: قَولُكَ: (إلا اللهُ) هُوَ الْمُسْتَثْنَىٰ فِي هٰذِهِ الْكَلِمَةِ الْعَظِيمَةِ.
وَدلالَتُهَا عَلَىٰ إِثْبَاتِ الإلَـٰهِيَّةِ لِلّهِ وَحْدَهُ أَعْظَمُ مِنْ دلالَةِ قَوْلِنَا: اللهُ إِلٰهٌ؛ فـ (لا) نَافِيَةٌ لِلْجِنْسِ، وَخَبَرُهَا الْمَرْفُوعُ مَحْذُوفٌ، تَقْديرُهُ: حَقٌّ,، فـ (إلا اللهُ) اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْخَبَرِ الْمَرْفُوعِ، فَاللهُ هُوَ الْحَقُّ، وَعِبَادَتُهُ وَحْدَهُ هِي الْحَقُّ، وَعِبَادَةُ غَيْرِهِ مَنْفِيَّةٌ بـ (لا) فِي هٰذِهِ الْكَلِمَةِ، قَالَ تَعَالَىٰ:
{ذٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (الحجّ: مِن الآية 62).
وَالْقُرْآنُ كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَىٰ إِثْبَاتِ الْعِبَادَةِ لِلّهِ وَحْدَهُ.
فـ (لا إِلٰهَ إلا اللهُ) اشْتَمَلَتْ عَلَىٰ أَمْرَينِ هُمَا رُكْنَاهَا:
النَّفْيِ، وَالإثْبَاتِ.
فـ (لا إِلٰهَ) نَافِيًا وُجُودَ مَعْبُودٍ بِحَقٍّ سِوَى اللهِ.
و(إلا اللهُ) مُثْبِتًا الْعِبَادَةَ لِلّهِ وَحْدَهُ دُونَ كُلِّ مَا سِوَاهُ.
وَالنَّفْيُ الْمَحْضُ لَيْسَ بِتَوْحِيدٍ، وَكَذٰلِكَ الإثْبَاتُ الْمَحْضُ؛ فَلابُدَّ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ النَّفْيِ وَالإثْبَاتِ.
"وَشُرُوطُهَا ثَمَانِيَةٌ:
أَحَدُهَا: الْعَلْمُ الْمُنَافِي لِلْجَهْلِ.
الثَّانِي: الْيَقِينُ الْمُنَافِي لِلشَّكِّ.
الثَّالِثُ: الْقَبُولُ الْمُنَافِي لِلرَّدِّ.
الرَّابِعُ: الانْقِيَادُ الْمُنَافِي لِلتَّرْكِ.
الْخَامِسُ: الإخْلاصُ الْمُنَافِي لِلشِّرْكِ.
السَّادِسُ: الصِّدْقُ الْمُنَافِي لِلنِّفَاقِ.
السَّابِعُ: الْمَحَبَّةُ الْمُنَافِيَةُ لِضِدِّهَا.
الثَّامِنُ: الْكُفْرُ بِمَا سِوَى اللهِ تَعَالَىٰ" اﻫ مِن "حاشية ثلاثة الأصول" ص69 - 71.