الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام علىٰ خاتم
رسل الله، وعلىٰ آله وصحبه ومَن والاه
أمَّا بعد
عَنْ
أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
كَانَ
رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لَا أَعْلَمُ رَجُلًا أَبْعَدَ مِنَ الْمَسْجِدِ مِنْهُ،
كَانَتْ لَا تُخْطِئُهُ صَلَاةٌ! فَقِيلَ لَهُ:
لَوِ
اشْتَرَيْتَ حِمَارًا تَرْكَبُهُ فِي الظَّلْمَاءِ وَفِي الرَّمْضَاءِ؟ فَقَالَ:
مَا
يَسُرُّنِي أَنَّ مَنْزِلِي إِلَىٰ جَنْبِ الْمَسْجِدِ؛ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ
لِي مَمْشَايَ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَىٰ أَهْلِي. فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«قَدْ
جَمَعَ اللَّهُ لَكَ ذَٰلِكَ كُلَّهُ».
( وفي رواية ) :
فَتَوَجَّعْتُ
لَهُ، فَقُلْتُ:
يَا
فُلَانُ! لَوْ أَنَّكَ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا يَقِيكَ الرَّمْضَاءَ وَهَوَامَّ الْأَرْضِ؟
قَالَ:
أَمَا
وَاللَّهِ! مَا أُحِبُّ أَنَّ بَيْتِي مُطَنَّبٌ بِبَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قَالَ:
فَحَمَلْتُ
بِهِ حِمْلًا! حَتَّىٰ أَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَأَخْبَرْتُهُ، فَدَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَٰلِكَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ يَرْجُو
أَجْرَ الْأَثَرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ
لَكَ مَا احْتَسَبْتَ».
رواه مسلم وغيره. ورواه ابن ماجه بنحو
الثانية.
(الرمضاء) ممدودًا: هي الأرض الشديدة الحرارة
مِن وقْع الشمس.
________________
[تعليق
الوالد رَحِمَهُ اللهُ]:
(1) أي: مشدودٌ
بالأَطْنَابِ، و(الطُّنُبُ): أحدُ أَطْنابِ الخَيمَة. قال ابنُ الأثير: "يعني
ما أُحِبُّ أن يَكون بيتي إلىٰ جانبِ بَيتِهِ؛ لأني أَحْتَسِبُ عندَ اللهِ كَثرةَ
خُطايَ مِن بَيتي إلى المسجدِ".
(2) بِكَسْرِ الْحَاءِ: معناهُ أَنه عَظُمَ عَلَيَّ وَثَقُلَ،
وَاسْتَفْظَعْتُهُ؛ لِشَنَاعَةِ لَفْظِهِ، وَهَمَّنِي ذَٰلِكَ. وَلَيس المرادُ به الْحَمْلَ
عَلَى الظَّهْرِ. كذا في "العجالة" (54).
"صحيح الترغيب والترهيب" (5-
كتاب الصلاة/ 9- الترغيب في المشي إلى المساجد سيّما في الظُّلَم، وما جاء في
فضلها/ 1/ 244/ ح 308 (صحيح)).
*******************
"(فائدة):
"وأمَّا الحديث
الذي أخرجه أحمد (5/399) من طريق بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ أَبَا عَبْدِ الْمَلِكِ
عَلِيَّ بْنَ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّ فَضْلَ الدَّارِ
الْقَرِيبَةِ -يَعْنِي مِنَ الْمَسْجِدِ- عَلَى الدَّارِ الْبَعِيدَةِ كَفَضْلِ الْغَازِي
عَلَى الْقَاعِدِ):
فهو حديثٌ منكَر
جدًّا؛ وعليُّ بنُ يزيد هٰذا: هو الألهَانيّ، وهو متروك؛ وقد
رواه بلاغًا عن
حُذيفة؛ فبينهما مجهول.
وقد أسقطه ابنُ
لهيعةَ في روايته عن بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو. أخرجه أحمد أيضًا (5/387)، وهو مِن سُوء
حِفْظِ ابنِ لهيعة" اﻫ كلامُ أبي رَحِمَهُ اللهُ؛ "صحيح سنن أبي داود"
الأُمّ (3/ 81 و82).
الإثنين 19 رمضان 1436هـ