كيفية قراءةِ الكلامِ المسَجَّعِ في الأحاديث

بسم الله الرحمٰن الرحيم
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رَضي اللهُ عنه قَالَ:

أوَّل مَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فكُنتُ فيمَن جاءه، فَلَمَّا تأمَّلْتُ وَجْهَهُ واسْتَبَنْتُه؛ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، قالَ: فَكَانَ أَوَّلَ ما سمعتُ مِن كلامِهِ أَنْ قَالَ:

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ! أَفْشُوا السَّلَامْ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامْ، وَصِلُوا الْأَرْحَامْ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامْ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامْ)


رواه الإمام الترمذي وغيره


----

علّق أبي رحمه الله على الحديث السابق فقال:

"هٰذا وكلُّ ما يشبهه مما سبق أو يأتي مِنَ الكلام المُقَفَّىٰ المسجع قلَّ أو كَثُر، يَقف القارئُ على كلِّ فصْلٍ منه، ولا يُعرَب آخرُه؛ مراعاةً للسَّجْعِ والوزن، ونظيرُه: "اللهُ أكبرْ، خَرِبتْ خيبرْ"، وما في معناه، كما في "العجالة" (89 - 90)، وقد أطال القولَ فيه". ا.هـ

"صحيح الترغيب والترهيب" (1/ 396).

وقد جاء نحو هذا في بعض المصادر، منها:

  • "فتح الباري" (3/ 532) في شرح حديث (عَمْرَو بْن مَيْمُونٍ قال: شَهِدْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَلَّى بِجَمْعٍ الصُّبْحَ ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ:

إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ! وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَفَهُمْ، ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ):

"وَلِلطَّبَرِيّ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاق "أَشْرِقْ ثَبِيرُ! لَعَلَّنَا نُغِيرُ" قَالَ الطَّبَرِيّ: مَعْنَاهُ كَيْمَا نَدْفَعُ لِلنَّحْرِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَغَارَ الْفَرَسُ، إِذَا أَسْرَعَ فِي عَدْوِهِ. قَالَ ابْنُ التِّينِ: وَضَبَطَهُ بَعْضهمْ بِسُكُونِ الرَّاءِ فِي (ثَبِيرُ) وَفِي (نُغِيرُ)؛ لِإِرَادَةِ السَّجْعِ ".

  • "مرقاة المفاتيح" في شرح حديث أَنَسٍ - وهو في "صحيح البخاري" (4462)- قَالَ: (لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ [الكرب] فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَا كَرْبَ أَبَاهُ! فَقَالَ لَهَا: لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ! أَجَابَ رَبًّا دَعَاهْ، يَا أَبَتَاهْ! مَنْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهْ، يَا أَبَتَاهْ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ):

"(أجاب ربًّا دعاه) أي إلى العُقبىٰ، فاختارها على الدنيا، وهو بِضَمِّ هاءِ الضمير، ويُسَكَّنُ في الوقف؛ مراعاةً لِلسَّجْعِ".

  • "جمع الوسائل في شرح الشمائل" (2/ 53) في شرح حديث أُمِّ زَرْعٍ، وفيه: (قَالَتْ الْعَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ، وَمَا مَالِكٌ؟! مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ، قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ، وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ؛ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ) وهو في "صحيح البخاري" (5189)، و"صحيح مسلم" (2448):

"(قَالَتِ الْعَاشِرَةُ : زَوْجِي مَالِكْ) أَيِ اسْمُهُ مَالِكٌ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ؛ مُرَاعَاةً لِلسَّجْعِ ، وَكَذَا فِيمَا بَعْدَهُ (وَمَا مَالِكْ)".