بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ / 4

بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .
23- لأن التَّقِيَّ يُحَصِّل عِلمًا وهدًى مِن ربِّه، يُفَرِّقُ به بين الحقِّ والباطل، والهدىٰ والضلال، والسُّنَّةِ والبِدعة، وأهلِ كُلٍّ[1]! وينال مَخْرَجًا فِي الدِّينِ مِن الشُّبْهَة والضلالة[2]، كلُّ ذٰلك مع تكفيرٍ لِلسيِّئات ومغفرةٍ للذُّنوب!
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تَتَّقُواْ اللهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ (الأنفال: 29).
بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .
24- "كُلّ شَيْءٍ ابْتُدِئَ بِنِيَّةِ تَقْوَى اللهِ، وَالْقَصْدِ لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ؛ فَهُوَ الَّذِي يَبْقَىٰ، وَيَسْعَدُ بِهِ صَاحِبُهُ، وَيَصْعَدُ إلى اللهِ وَيُرْفَعُ إلَيْهِ"[3]:
﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109)﴾ (مِن سورة التوبة).
بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .
25- لأنَّ المتقين هُمُ المنتفِعون بِتَقْلِيبِ النَّظرِ في السموات والأرضِ وتأمُّلِ تعاقُبِ الليلِ والنهارِ:
﴿إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾ (يونس: 6).
26- لأنَّ المتقين هُمْ أولياءُ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ:
﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ (63)﴾ (سورة يونس).
27- وهُم أولياءُ الرسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ[4]:
قال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
«إِنَّ أَوْلِيَائِي مِنْكُمُ الْمُتَّقُونَ؛ مَنْ كَانُوا، وحَيْثُ كَانُوا» (مِن حديث معاذ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مرفوعًا، رواه ابن أبي عاصم وغيره وصححه أبي؛ "ظلال الجنة" (212) ).
28- وهُمُ المبَشَّرون في الدنيا والآخرة:
﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)﴾ (سورة يونس)[5].
بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .
29- وهُمُ الموعُودون بالجنة، بما فيها مِن نعيم وخيرات، وهي عُقباهم وجزاؤهم:
﴿مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ﴾ (الرعد: 35).
﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ (46) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ (47) لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)﴾ (الحِجْر)
﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤُونَ كَذَٰلِكَ يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ﴾ (النحل: 31).
﴿هَـٰذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ﴾ (ص: 49).
﴿لَٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللهِ لَا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعَادَ﴾ (الزُّمَر: 20).
﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (53) كَذَٰلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (55) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (56)﴾ (سورة الدُّخَان).
﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ﴾ (محمد: من الآية 15).
﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ (16)﴾ (الذاريات).
"نِعمتْ جزاءُ المتَّقين الجنَّهْ * دارُ الأماني والْمُنىٰ والْمِنَّهْ"[6]
بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .
30- لأن المتقين هُمُ العِبادُ الوارِثون الجنَّةَ[7]!
﴿تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا﴾ (مريم: 63).
﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا﴾ إلىٰ قولِه عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74)﴾ (الزُّمَر: من الآيتين 73 و74).
31- لأنَّ النجاةَ مِن النار بعد وُرُودِ جميع الناسِ إيَّاها؛ إنما تكون لِلَّذين اتَّقوا[8]:
﴿وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72﴾ (مريم).
32- لأن المتَّقين يَحشرهم الرحمٰنُ يومَ القيامة وَفْـــــــــدًا إليه[9]:
﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَٰنِ وَفْدًا﴾ (مريم: 85).
33- هم بخيرٍ لأن القرآنَ العظيمَ بِشارةٌ لهم!
﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدًّا﴾ (مريم: 97).
بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .
34- المتقي هو الفائز بكل خير، الناجي مِن كل شرّ،ٍ دون حزنٍ ولا مسِّ سُوء:
﴿وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ (النُّور: 52).
﴿وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (الزُّمَر: 61)
﴿إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا﴾ (النبأ: 31).
يتبع إن شاء الله..
الجمعة 19 شعبان 1434


[1] - قال العلامة السعديُّ رَحِمَهُ اللهُ: "امتثالُ العبْدِ لِتقْوىٰ ربِّهِ: عنوانُ السعادة، وعلامةُ الفَلاح، وقد رَتَّبَ اللهُ على التقوىٰ مِن خيرِ الدنيا والآخرةِ شيئًا كثيرًا، فَذَكَرَ هنا أنَّ مَنِ اتَّقى اللهَ حَصَلَ له أربعةُ أشياء، كلُّ واحدٍ منها خيرٌ مِن الدنيا وما فيها:
الأول: الفرقان: وهو العلم والهدى الذي يُفَرِّقُ به صاحبُه بين الهدىٰ والضلالِ، والحقِّ والباطل، والحلالِ والحرام، وأهلِ السعادةِ مِن أهلِ الشقاوة.
الثاني والثالث: تكفير السيِّئات، ومغفرة الذُّنوب، وكلُّ واحدٍ منهما داخِلٌ في الآخَرِ عند الإطلاق. وعند الاجتماع: يُفَسَّرُ تكفيرُ السيِّئاتِ بالذُّنوبِ الصغائر، ومغفرةُ الذُّنوبِ بتكفيرِ الكبائر.
الرابع: الأجرُ العظيمُ والثوابُ الجزيلُ لِمَنِ اتَّقاهُ وآثَرَ رِضاهُ علىٰ هوىٰ نَفْسِه. ﴿وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾" اﻫ من "تيسير الكريم الرحمٰن" ص 319.
[2] - "تفسير القرآن العزيز" لابن أبي زمنين (2/ 173).
[3] - " أحكام القرآن" لابن العربي (2/ 588، ط3، 1424 ه، دار الكتب العلمية).
[4] - قال الإمام ابن باز رَحِمَهُ اللهُ: "فأولياءُ اللهِ وأولياءُ الرسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمُ المؤمنون، هُمْ أهلُ التقوىٰ" اﻫ من "فتاوىٰ نور على الدرب" (1/ 104، مؤسسة الشيخ عبد العزيز بن باز الخيرية).
[5] - قال العلامة السعدي رَحِمَهُ اللهُ: "يُخبِر تَعَالَىٰ عن أوليائه وأحبَّائه، ويَذْكُر أعمالَهم وأوصافَهم وثوابَهم، فقال:
﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ فيما يَستقبلونه مما أمامهم مِن المخاوِفِ والأهوال.
﴿وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ علىٰ ما أسلفوا، لأنهم لم يُسْلِفوا إلَّا صالحَ الأعمال، وإذا كانوا لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون؛ ثبت لهم الأمْنُ والسعادةُ، والخيرُ الكثيرُ الذي لا يَعْلَمُه إلَّا اللهُ تَعَالَىٰ.
ثم ذَكَر وَصْفَهم، فقال:
﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقَدَرِ خيرِه وشرِّه، وصدَّقوا إيمانَهم بِاستعمال التقوىٰ؛ بامتثالِ الأوامر، واجتنابِ النواهي.
فكلُّ مَن كان مؤمنًا تقيًّا؛ كان لله [تَعَالَىٰ] وليًّا.
و﴿لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾:
أمَّا البشارة في الدنيا، فهي:
الثناء الحسَن.
والمودَّةُ في قلوب المؤمنين.
والرؤيا الصالحة.
وما يراه العبدُ مِن لُطْفِ اللهِ به، وتيسيره لِأحْسَنِ الأعمالِ والأخلاقِ، وصَرْفِه عن مساوئ الأخلاق.
وأمَّا في الآخرة:
فأوَّلُها: البشارةُ عند قبْضِ أرواحِهم، كما قال تَعَالَىٰ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنزلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ (فصلت: 30).
وفي القبر: ما يُبَشَّر به مِن رضا اللهِ تَعَالَىٰ والنعيمِ المقِيمِ.
وفي الآخرة: تمامُ البُشرىٰ بدخولِ جناتِ النعيم، والنجاةِ مِنَ العذاب الأليم.
﴿لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ﴾ بل ما وَعَد اللهُ فهو حَقٌّ، لَا يُمْكن تَغييرُه ولا تبديلُه؛ لأنه الصادق في قِيْلِه، الذي لا يَقْدُر أحدٌ أن يخالفَه فيما قدَّره وقضاه.
﴿ذٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾؛ لأنه اشتمل على النجاةِ مِن كلِّ مَحذورٍ، والظَّفْرِ بكلِّ مَطلوب محبوبٍ، وحَصَرَ الفوزَ فيه؛ لأنه لا فوزَ لِغيرِ أهلِ الإيمان والتقوىٰ.
والحاصلُ أن البشرىٰ شاملةٌ لكلِّ خيرٍ وثوابٍ رَتَّبَهُ اللهُ في الدنيا والآخرة على الإيمانِ والتقوىٰ، ولهٰذا أَطْلَق ذٰلك، فلم يُقَيِّدْهُ" اﻫ مِن "تيسير الكريم الرحمٰن" ص 368.
[6] - لا أعلم مَن هو راجزه، يُذكَر شاهدًا في عددٍ مِن كتب علم النحو.
[7] - في سورة (المؤمنون): ﴿أُوْلَـٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) ﴾. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا لَهُ مَنْزِلَانِ: مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّةِ وَمَنْزِلٌ فِي النَّارِ، فَإِذَا مَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ؛ وَرِثَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنْزِلَهُ، فَذَٰلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ: ﴿أُوْلَـٰئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ﴾». رواه ابن ماجه وغيره وصححه أبي رَحِمَهُمُ اللهُ؛ "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2279).
[8] - هناك عدة أقوال في معنى الورودِ في هٰذه الآية؛ ينظر "أضواء البيان" (4/ 435 - 441، ط1، 1426، دار عالم الفوائد).
[9] - "والوفد: هُمُ القادمون ركُبانًا، ومنه الوفود، وركوبهم علىٰ نجائبَ مِن نور، مِن مراكبِ الدَّارِ الآخرة، وهم قادمون علىٰ خيرِ مَوفُودٍ إليه، إلىٰ دار كرامته ورضوانه" اﻫ مِن "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (5/ 263، ط2، 1420هـ، دار طيبة).

بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ / 3


بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .
14- التَّقِيّ عِنده -بتقواه- عزاءٌ وتسليةٌ عن لذَّاتِ الدنيا التي لا يَقْدِر عليها[1]! فالآخرةُ خـــــــــــــــــــيرٌ له:
﴿قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ (النساء: من الآية 77).
﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ (الأنعام: 32).
﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا الأدْنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لا يَقُولُواْ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ (الأعراف: 169).
﴿وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ﴾ (يوسف: 57).
﴿وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ (يوسف: 109).
﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ﴾ (النحل: من الآية 30).
﴿وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (الزخرف: من الآية 35).

" وَهٰذَا السرُورُ بِتِلْكَ الكُرَبْ * وَهٰذَا النَّعِيمُ بِذَاكَ التَّعَبْ "[2].

15- التَّقِيّ مُتعاهِدٌ وصيّةَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ- لِلأوَّلين والآخِرين:
﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللهَ (النساء: من الآية 131).

بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .
16- "لأنَّ مَن يتَّقِي اللهَ في عَملٍ؛ يَتَقَبَّلَهُ اللهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا فِي غَيْرِهِ. وَمَنْ لَمْ يَتَّقِهِ فِيهِ؛ لَمْ يَتَقَبَّلْهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مُطِيعًا فِي غَيْرِهِ"[3].
﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ (المائدة: من الآية 27).

بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .
17- التقوىٰ سببٌ لرحمةِ الله جَلَّ جَلَالُهُ، وقد حَقَّقها اللهُ تَعَالَىٰ لِمَن اتَّقاه[4]، وكَتَبَها لهم، أي: "أَوْجَبَ حُصُولَ رحمتِهِ؛ مِنَّةً مِنْهُ، وإحسانًا إليهم"[5]:
﴿وَهَـٰذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (الأنعام: 155).
﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ﴾ (الأعراف: 156).
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (الحجرات: 10).

بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .
18- لأنَّ التَّقِيَّ مَكْسِيٌّ بخــــــــــــــــــــــــــــــيرِ لِباس!
﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ﴾ (الأعراف: من الآية 26).

19- لأنّ مَنِ اتَّقىٰ آمِنٌ يوم القيامة منَ الخوف مما يَستقبِلُ، ومِن الحزنِ علىٰ ما فاته في الدنيا[6]:
﴿يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (الأعراف: 35).

20- لأن المتَّقِين يَفتحُ اللهُ عليهمُ البركاتِ؛ فتُعطيهم السَّمَاءُ قَطْرَهَا، وَالْأَرْضُ نَبْتَها[7]:
﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ (الأعراف: 96).

21- لأنَّ "الْخَيْرَ مِنْ عَوَاقِبِ الْأُمُورِ إنما هُوَ لِمَنِ اتَّقَى اللهَ فَأَدَّىٰ فَرَائِضَهُ، وَاجْتَنَبَ مَعَاصِيَهُ، فَهُمُ الْفَائِزُونَ بِمَا يُؤَمَّلُونَ مِنَ النَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ، وَالظَّفْرِ فِي الدُّنْيَا بِالطِّلْبَةِ"[8]:
﴿قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّٰهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (الأعراف: 128).
﴿تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هٰـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (هود: 49).
﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (القصص: 83).

22- لأن التَّقِيَّ حتىٰ وإنْ وَسْوس له الشيطانُ بجولةِ غشاوة؛ فإنَّ مآلَه إلىٰ دولةِ بصيرة[9]!
﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾ (الأعراف: 201).

يتبع إن شاء الله.. 

الخميس 11 شعبان 1434هـ


[1] - قال العلامة السعدي -رَحِمَهُ اللهُ- في الفوائد المستقاة من قصة يوسف عَلَيْهِ السَّلَامُ:
"أنَّ الله واسع الجود والكرم، يجود علىٰ عبْدِه بخيرِ الدنيا والآخرة.
وأنَّ خيرَ الآخرة له سببان: الإيمانُ والتقوىٰ.
وأنه خيرٌ مِن ثوابِ الدُّنيا ومُلْكِها.
وأنَّ العبدَ ينبغي له أن يَدْعُوَ نَفْسَه ويُشّوِّقَها لِثوابِ الله، ولا يَدَعَها تَحزَنُ إذا رأتْ أهْلَ الدُّنيا ولذَّاتها، وهي غيرُ قادرةٍ عليها، بل يُسَلِّيها بثوابِ اللهِ الأُخْرَوِيِّ، وفَضْلِهِ العظيمِ؛ لِقَولِه تَعَالَىٰ: ﴿وَلَأجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾" اﻫ من "تيسير الكريم الرحمٰن" ص 407.
[2] - "المدهش" لابن الجوزي (ص 301، ط1، 1423، مكتبة الكوثر - الرياض).
[3] - يُنظَر "مجموع فتاوىٰ شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ" (10/ 322).
[4] - قال الحافظ ابن كثير في آية الحجرات: "وهٰذا تحقيقٌ منه -تَعَالَىٰ- لِلرَّحمةِ لِمَنِ اتَّقاهُ" اﻫ مِن "تفسير القرآن العظيم" (7/ 376، ط2، 1420هـ، دار طيبة).
[5] - المصدر السابق (3/ 482) بتصرف.
[6] - قال الحافظ الطبري -رَحِمَهُ اللهُ- في تفسير الآية: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (البقرة: 38):
"وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ يَعْنِي فَهُمْ آمِنُونَ فِي أَهْوَالِ الْقِيَامَةِ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ غَيْرُ خَائِفِينَ عَذَابَهُ، بِمَا أَطَاعُوا اللهَ فِي الدُّنْيَا وَاتَّبَعُوا أَمْرَهُ وَهُدَاهُ وَسَبِيلَهُ، ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ يَوْمَئِذٍ عَلَىٰ مَا خُلِّفُوا بَعْدَ وَفَاتِهِمْ فِي الدُّنْيَا" اﻫ من "تفسير الطبري" (1/ 591، ط دار هجر).
[7] - يُنظَر "تفسير القرآن العزيز" لابن أبي زمنين (2/ 134، ط الفاروق).
[8] - بتصرف يسير من "تفسير الطبري" (12/ 441، ط دار هجر).
[9] - قال شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ: "فَالْمُتَّقُونَ إذَا أَصَابَهُمْ هٰذَا الطَّيْفُ الَّذِي يَطِيفُ بِقُلُوبِهِمْ؛ يَتَذَكَّرُونَ مَا عَلِمُوهُ قَبْلَ ذٰلِكَ؛ فَيَزُولُ الطَّيْفُ، وَيُبْصِرُونَ الْحَقَّ الَّذِي كَانَ مَعْلُومًا وَلٰكِنَّ الطَّيْفَ يَمْنَعُهُمْ عَنْ رُؤْيَتِهِ" اﻫ من "مجموع الفتاوىٰ" (16/ 347).