مِن فضائل الصلاة في بيت المقدس


الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام علىٰ خاتم رسل الله، وعلىٰ آله وصحبه ومَن والاه.
أمَّا بعد
قال الحافظ المنذري رَحِمَهُ اللهُ:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا:
1] أَنْ يُعْطِيَهُ(1) حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ(2).
2] وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ.
3] وَأَنَّه لَا يَأْتِي هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ؛ إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ».
رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، واللفظ له، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، والحاكم أطول من هذا، وقال:
"صحيح على شرطهما، ولا علة له".
__________
[تعليق الوالد رَحِمَهُ اللهُ]:
(1) ليس عند ابن ماجه -واللفظ له كما سيذكر المؤلف- قوله: "أن يُعْطِيَهُ"، ولا هو في شيء من المصادر الآتية، ولا في غيرها كالحاكم مثلًا (1/ 30 و2/ 434)، ومع ذلك زعم المعلقون الثلاثة أنها في مصادر التخريج، وليست فيها!
(2) أي: يُوَافِقُ حُكْمَ اللَّهِ، وَالْمُرَادُ التَّوْفِيقُ لِلصَّوَابِ فِي الِاجْتِهَادِ وَفَصْلِ الْخُصُومَاتِ بَيْنَ النَّاسِ. وقوله: «وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي» أَيْ: لَا يَكُونُ. وَلَعَلَّ مُرَادَهُ -وَاللهُ أَعْلَمُ- لَا يَكُونُ لِعِظَمِهِ مُعْجِزَةً لَهُ، فَيَكُونَ سَبَبًا لِلْإِيمَانِ وَالْهِدَايَةِ، وَلِكَوْنِهِ مَلِكًا أَرَادَ أَنْ تَكُونَ مُعْجِزَتُهُ مَا يُنَاسِبُ حَالَهُ([1]).
"صحيح الترغيب والترهيب" (11- كتاب الحج/ 14- الترغيب في الصلاة في المسجد الحرام ومسجد المدينة، وبيت المقدس وقباء/ 2/ 46/ ح 1178 (صحيح)).


التوفيق للصوابِ مِن النعم العظيمة، ولعل دعاءَ استفتاحِ قيامِ الليل الذي تعلَّمناه مِن نبيِّنا محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ هو بمعنى دعاءِ سليمان عَلَيْهِ السَّلَامُ، روى الإمام مسلم (770) بإسناده عن أَبي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ:
كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ: «اللَّهُمَّ! رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ! فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ! عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ! أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ؛ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ؛ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ».
وعمومُ سؤالِ الهدايةِ منه كذلك. والله أعلم.
الخميس 19 ذي الحجة 1439ه


([1]) من "حاشية السندي على سنن ابن ماجه" ضمن "شروح سنن ابن ماجه" (1/ 567، ط بيت الأفكار).

خاتَمُ مساجدِ الأنبياء


الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام علىٰ خاتم رسل الله، وعلىٰ آله وصحبه ومَن والاه.
أمَّا بعد
قال الحافظ المنذري رَحِمَهُ اللهُ:
روى البزارُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: 
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«أَنَا خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ، وَمَسْجِدِي خَاتَمُ مَسَاجِدِ الْأَنْبِيَاءِ.
أَحَقُّ الْمَسَاجِدِ أَنْ يُزَارَ وَتُشَدَّ إِلَيْهِ الرَّوَاحِلُ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَمَسْجِدِي.
صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ».

"صحيح الترغيب والترهيب" (11- كتاب الحج/ 14- الترغيب في الصلاة في المسجد الحرام ومسجد المدينة/ 2/ 40/ ح 1175 (صحيح لغيره)).

الأحد 8 ذي الحجة 1439 ه

هل الهديُ للمتمتّع يَكفيه عن الأضحية


الحمدُ لِلّٰه وحدَه، والصَّلاة والسَّلام علىٰ مَن لا نبيَّ بعدَه
أمّا بعد:
سئل أبي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ:
هل الهديُ لِلمتمتّع يَكفيه عن الأضحية، كما قال ابنُ القيّم؟
فأجاب:
"يَكفيه في الحجِّ، أمّا أهلُه في بلده لابدّ لهم -كما قلنا مرارًا- مِن أضحية. أمّا إذا لم يكن له أهلٌ وحجّ هو بنفسِه، أو معه أهله؛ فلا شكّ -والحالةُ هذه- أنَّ الهديَ يَكفيه. أمّا إذا حجّ مِثلي مثلًا وتَرَك أهلَه في بلده؛ فعليهم أضحية ولابدّ" اهـ من "سلسلة الهدى والنور" بداية الشريط 376.
و (لابدّ)؛ لأنه -رَحِمَهُ اللهُ- يرى وجوبَ الأضحية، وفي هذا تدوينةٌ سابقة:


الخميس 5 ذي الحجة 1439ه


ما هي (شُبَاعَةَ)؟


الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام علىٰ خاتم رسل الله، وعلىٰ آله وصحبه ومَن والاه.
أمَّا بعد
قال الحافظ المنذري رَحِمَهُ اللهُ:
عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: 
"كُنَّا نُسَمِّيهَا شُبَاعَةَ - يَعْنِي زَمْزَمَ -، وَكُنَّا نَجِدُهَا نِعْمَ الْعَوْنُ عَلَى الْعِيَالِ".
رواه الطبراني في "الكبير"، وهو موقوف صحيح الإسناد.
__________
[تعليق الوالد رَحِمَهُ اللهُ]:
(1) على وزن (قُدامة) كما في القاموس، قال الشارح: "هكذا ضبطه الصاغاني، سُمِّيتْ بذلك لأن ماءها يَروي العطشان، ويُشبِع الغَرْثان"([1]) . ونحوه في "النهاية". أما الناجي فقال: "بفتح الشين، وتشديد الباء الموحدة"!

"صحيح الترغيب والترهيب" (11- كتاب الحج/ 12- الترغيب في شرب ماء زمزم، وما جاء في فضله/ 2/ 41/ ح 1163 (صحيح لغيره)).

الخميس 20 ذي القعدة 1439ه


([1]) تتمة كلام الصغاني: "وهُوَ مَعْنى قَوْلِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنّها مُبارَكَةٌ، إنّها طعَامُ طُعْمٍ، وشفاءُ سُقْمٍ»" اﻫ من " التكملة والذيل والصلة" (4/ 285، ط 1974، دار الكتب). والحديث رواه الطيالسي وغيره، وصحَّحه أبي رَحِمَهُ اللهُ؛ ينظر "الصحيحة" (تحت 1056).