بداية كتابات الصوفية وموقف السلف منها

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على خاتم رسل الله
قال فضيلة الشيخ ربيع المدخلي - حفظه الله - في كتابه "كشف زيف التصوف" ص15 – 17 :

"بداية كتابات الصوفية -فيما أعلم- هي كتابات الحارث بن أسد المحاسبي أحد تلاميذ يزيد بن هارون الذي يُعدُّ في أتباع التابعين آخر القرون المفضلة، وكان الحارث من المعاصرين للإمام أحمد وإخوانه من أئمة الحديث والسنة.
ألَّف الحارث كتبًا للصوفية فأنكرها أهل السُّنة ومنهم الإمام الحافظ أبو زُرعة. قال الحافظ الذهبي :
(قال الحافظ سعيد بن عمرو البرذعي:
شهدت أبا زرعة وقد سئل عن الحارث المحاسبي وكتبه فقال للسائل :
"إياكَ وهذه الكُتُب، هذه كُتُبُ بِدعٍ وضلالاتٍ، عليك بالأثَرِ؛ فإنكَ تجِد فيه ما يُغْنِيك"
قيل له: في هذه الكتب عِبْرة، فقال:
"مَن لم يكن له في كتابِ الله عِبْرة؛ فليس له في هذه الكتب عِبْرة، بَلَغَكُم أنّ سفيان ومالِكًا والأوزاعيَّ صنّفوا هذه الكُتُبَ في الخطرات والوساوس؟! ما أَسْرَعَ الناس إلى البدع!"
[1]
مات الحارث سنة ثلاث وأربعين ومائتين، وأين مثل الحارث؟ فكيف لو رأى أبو زرعة تصانيفَ المتأخرين كـ (القوت) لأبي طالب؟! وأين مثل القوت؟! كيف لو رأى بهجة الأسرار لابن جهضم , وحقائق التفسير للسلمي؟!؛ لطار لبُّه، كيف لو رأى تصانيف أبي حامد الطوسي في ذلك على كثرة ما في "الإحياء" من الموضوعات؟! كيف لو رأى "الغنية" للشيخ عبد القادر؟! كيف لو رأى "فصوص الحكم" و"الفتوحات المكية"؟! بلى، لما كان الحارث لسان القوم في ذاك العصر كان مُعاصره ألف إمام في الحديث فيهم مثل أحمد بن حنبل وابن راهويه، ولما صار أئمة الحديث مثل ابن الدخميسي وابن شحانة كان قطب العارفين كصاحب "الفصوص" وابن سفيان
[2]، نسأل الله العفو والمسامحة. آمين) "ميزان الاعتدال في نقد الرجال" (2/166) .
وقال ابن الجوزي: "وبالإسناد إلى أبي يعقوب إسحاق بن حية قال: "قال: سمعت أحمد بن حنبل وقد سئل عن الوساوس والخطرات فقال :
"ما تكلم فيها الصحابة ولا التابعون"
وقد روينا في أول كتابنا هذا عن ذي النون نحو هذا.
وروينا عن أحمد بن حنبل أنه سمع كلام الحارث المحاسبي ، فقال لصاحب له:
"لا أرى لك أن تجالسهم"
وقال ابن الجوزي: وقد ذكر الخلال في كتاب "السُّنة" عن أحمد بن حنبل أنه قال :
"حَذِّروا مِن الحارث أشدَّ التحذير , الحارث أصلُ البليّة -يعني في حوادث كلام جهم- ، ذاك جالَسَهُ فلانٌ وفلانٌ وأَخْرَجهم إلى رأيِ جهم ما زال مأوى أصحاب الكلام، حارث بمنزلة الأسد المرابط، ينظُرُ أيَّ يومٍ يَثِبُ على الناس". تلبيس إبليس (ص151) .
ثم نقل ما ذكره الذهبيُّ عن أبي زرعة قوله عن كُتُب الحارث: "إنها كتب بدع وضلالات .. إلخ " , تلبيس إبليس ( ص/150) .
فهذا هو موقف أئمة الإسلام الناصحين من التصوف وأهله: إدانة لمؤلفاتهم وتحذير من ضلالاتهم وشطحاتهم". ا.هـ

_________________
[1] - رواه البرذعي في "سؤالاته لأبي زرعة" (2/ 561 – 562 ط الجامعة الإسلامية) ، والخطيب في "تاريخه" (8/215) [المعتني].
[2] - كذا والصواب ابن سبعين.