أحسن (إيميل) - زعموا -

بسم الله الرحمن الرحيم
.
الحمد لله، والصلاة والسلام على خاتم رسل الله
أما بعد
.
انتشرت هذه الأيام رسالة بريد إلكتروني عنوانها: (أحسن إيميل هذا العام)، وعند فتحه نجده مجرد صور معظمها لذوات أرواح - وفي بعضها ما لا يليق مما يأنف ذوو المروءة من المسلمين عن كشفه، فيسترون ذلك حتى عن إخوة الطفل بل حتى عن الأطفال منهم –.
.
ومبدأ الرسالة: عرض صور للمقارنة بين حال أناس في النعيم والرخاء، وأناس في بؤس وفقر وشقاء.
.
فأقول والله المستعان:

إنه لمن العجائب أن يتناقل (المسلمون) ما يُسمى بـ (أحسن إيميل)، بينما هو خِلوٌ مِن أي آيةٍ مِن (أحسن الحديث) الذي هو كلام الله تعالى ربهم ومعبودهم، فراغٌ مِن أي نصٍّ مِن (خير الهدي) الذي هو هدي نبيّهم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم!
أفبعد هذا ننتظر (النصر) ونحن لا نرى أنّ (أحسن إيميل) هو ما ذكّرني بآية، أو علّمني حديثًا صحيحًا؟؟؟!!!
واأسفاه مِن عدم الانتباه!

لا زال البعض يصرخون: "قاطعوا البضائع الفلانية"، ولكنهم نسوا أن الأهم من البضائع، هو الأفكار، وهاهنا نموذج للاتكالية على أفكار الكفرة واستبدال الذي أدنى بالذي هو خير.
فهم عندما يقولون: (أحسن إيميل هذا العام)؛ فهذا عندهم وفي أفكارهم، فما لنا ولهم؟!
أوليس خيرًا مِن هذا الإيميل كلامُ الله تعالى:
{وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا} (إبراهيم: 34)
؟!
فلو ذكّرتنّ أخواتكنّ بها مع نقلٍ لتفسيرٍ موثوق؛ لكسبتموهنّ حسنةً مِن حسناتكنّ بإذن المولى الكريم.
.
أوليس خيرًا مِن هذه الصور قولُه صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
(مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ؛ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِها) [حسّنه أبي رحمه الله "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2318)]
؟!
.
هل الإساءة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام هي بخربشة كافرٍ ليس بعد كُفره ذنب، وحسب؟!
فما بال المسلم الذي يستنكر ويشجب تلك الخربشات هو نفسه يُعرِض عن هديه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، مستحسنًا عمل أولئك القوم؟!
إنا لله وإنا إليه راجعون

وأخيرًا، أختم بتذكرة مهمة لكل من يريد أن يستخدم البريد الإلكتروني مجالاً للتقرب إلى الله:
احذر صور ذوات الأرواح، حتى ولو كانت الرسالة سليمة تمامًا من حيث التوجّه والفكر والغاية و و و.... لسنا بحاجة إلى الصور، فتاوى علمائنا في الترهيب من هذا متكاثرة، ولكن أختار منها ما يناسب المقام:
.
قال سماحة العلامة ابن باز رحمه الله:
"والإيضاح ممكن بدون التصوير، ولم يحوج الله سبحانه الأمة في التعليم إلى ما حرّم عليها، بل في الوسائل المباحة مقنع وكفاية لمن خاف الله وراقبه.
وفقنا الله وإياكم وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه وأعاذ الجميع من مضلات الفتن إنه سميع مجيب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".ا.هـ
.
.