هل يَليق وصفُ حديثٍ شريفٍ بأنه "لقاح أنفلونزا الخنازير"؟!

نصُّ الرسالة كما وردت في البريد:
لقاح أنفلونزا الخنازيييير
أخرج ابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد من طريق عبدالرحمن بن أبي الزناد عن ابيه عن أبان عن عثمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة : بسم الله الذي لا يضر مع إسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم - ثلاث مرات - فيضره شيء )) .

فأصاب أبان بن عثمان الفالج ، فجعل الرجل الذي سمع منه الحديث ينظر إليه ، فقال له : مالك تنظر إليّ ؟ فو الله ما كذبت على عثمان ، ولا كذب عثمان على النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن اليوم الذي أصابني فيه ما أصابني غضبت فنسيت أن أقولها .
وفي رواية : ولكني لم أقله يومئذ ليمضيَ اللهُ عليَّ قدرَه . رواه أبو داود والترمذي ، وهو حديث صحيح .

وجاء في صحيح مسلم أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة . قال : أما لو قلت حين أمسيت : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك
.

انتهت الرسالة.
============
ولما أرسلتُ ردًّا مختصرًا: "لا أرى أن هذه التسمية تليق بحديثٍ شريفٍ"؛ كان مِن جواب الأخت – وفقها الله- :
"لكن أردنا تقريب السنة من الناس وربطها بالأحداث التي تهم الناس على غرار التربية بالمواقف".
ثم طلبتْ مني بيان وجهة نظري، فها هي، ومِن اللهِ السَّداد:
============
الردّ:
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الحمْدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستغْفرُه، ونعوذُ باللهِ منْ شرورِ أنفسِنَا، ومنْ سيّئاتِ أعمالِنَا، منْ يهدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ، ومنْ يُضلِلْ فَلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ،
أما بَعدُ:
فإنَّ أحسنَ الكلامِ كلامُ اللهِ، وخيرَ الهُدَى هُدَى محمّدٍ صلَّى اللهُ عليهُ وسلَّم، وشرَّ الأمورِ محْدثاتُهَا، وكلَّ محْدثَةٍ بدْعَةٌ، وكلَّ بدْعَةٍ ضلالَةٌ، وكلَّ ضلالةٍ فِي النّارِ.
أمّا بعْدُ:
فإنّ اليقظة تفرض على المسلم أن ينظر إلى أبعاد الأمور
فكما أنك ترين أن هذه التسمية (تقريبًا لِلسّنّة من الناس)
فلا بأس –إذًا- لغيركِ أن ينشروا ما سمّوه بـ "المكياج الإسلامي" (!!) وقالوا:
كحلي عينيك بعدم النظر إلى الحرام.
ضعي على شفتيك روجا" احمر يمنعك من الكذب والغيبه.
ضعي على وجهك كريم أساس من الإسلام والأحكام الشرعيه.
مسكري ( ضعي ماسكارا ) رموشك بالدموع عند ذكر الله خوفا من ناره وعذابه.
اصبغي أظافرك بماء الوضوء الدائم. سرحي شعرك بالحجاب غير الفاتن.
البسي ثوب الحشمه المكسي الطويل المطرز بالأعمال المستحبه.
حني يديك بالدعاء وارفعيها إلى السماء حتى يستجيب الله لك.
بهذه الأخلاق اضمن لك بأن تكوني أجمل فتاة في العــالـم ..
انتهى.
وهدفهم: (تقريب الأخلاق إلى النساء، وربطهن بالأحداث، والتربية بالمواقف)

ويحق لهم أن يقولوا: "رحلة إلى الدار الآخرة"، أو "تذكرة سفر مجانية" وفيها:
الاسم: الإنسان ابن آدم
الجنسية: من تراب
العنوان: كوكب الأرض
البيانات:
محطة المغادرة: كوكب الأرض الدنيا
جهة السفر: الدار الآخرة
موعد الرحلة: {وما تدري نفس ماذا تكسب غدًا وما تدري نفس بأي أرض تموت}
موعد الحضور: لكل أجل كتاب
رقم الاتصال : 24434 (قاصدين عدد ركعات الصلوات الخمس!).
وهدفهم: تلطيف الوعظ للناس والتربية بالمواقف!

وقد أفتى العلامة العثيمين –رحمه الله تعالى - في هذه "التذكرة"، وهنا الرابط:
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_7842.shtml

ويحق لهم أن ينشروا "جواز سفر للرسول صلى الله عليه وسلم"!
وهدفهم: تقريب سيرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الناس، بذكر أمور واقعية يعيشونها!
ولهم ولهم ...

فيا أخية!
النوايا الحسنة لا تَشفع لنا مجردةً
فأنا لا أشكّ أن نيّتك هي ما ذكرتِ
ولكن القاعدة المعلومة لديكِ أن شرط قبول عمل المسلم: الإخلاص والمتابعة
فهذا الإخلاص، فليت شعري أين المتابعة؟!

والصحابي الجليل العالِم ابن مسعود رضي الله عنه يحذّر:
(وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ!) – رواه الإمام الدارمي في "سننه" وصححه الوالد -رحمه الله- في "صحيحته" (2005) -.
والإمام أحمد رحمه الله ينبّه:
"فإنّ إرادتَك للحقِّ مِن غير طريقِ الحقِ: باطلٌ ، وكلامَك على السُّنّة مِن غير السُّنّة: بدعةٌ". -"الإبانة" (2/ 541/ 679) -.
انتهى جوابي.

ثم قرأتُه صبيحةَ أمس – الإثنين 23 شوال 1430 هـ - على فضيلة الشيخ العلامة عبيد الجابري حفظه الله، فأقرّه، وعقّب:
"ويضاف:
الخلاصة: كان عليه أن يقول: كيف يتحصّن المسلم مِن كل داء ؟ أما: "لقاح أنفلونزا الخنازير"؛ هذه مِن أساليب الأدباء وليست مِن أساليب أهل الشرع، وإن كان بعض المتشرّعين يأخذون هذه الألفاظ، ولكن لم يفكّروا في أبعادها، ولم يفكروا في صلاحيتها للاستعمال بين المسلمين.
كان الواجب عليه أن يقول: كيف يتوقى المسلم الداء؟ كيف يتحصن المسلم من الداء؟
". ا.هـ
والحمد لله رب العالمين