بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ / 3


بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .
14- التَّقِيّ عِنده -بتقواه- عزاءٌ وتسليةٌ عن لذَّاتِ الدنيا التي لا يَقْدِر عليها[1]! فالآخرةُ خـــــــــــــــــــيرٌ له:
﴿قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ (النساء: من الآية 77).
﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ (الأنعام: 32).
﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا الأدْنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لا يَقُولُواْ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ (الأعراف: 169).
﴿وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ﴾ (يوسف: 57).
﴿وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ (يوسف: 109).
﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ﴾ (النحل: من الآية 30).
﴿وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (الزخرف: من الآية 35).

" وَهٰذَا السرُورُ بِتِلْكَ الكُرَبْ * وَهٰذَا النَّعِيمُ بِذَاكَ التَّعَبْ "[2].

15- التَّقِيّ مُتعاهِدٌ وصيّةَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ- لِلأوَّلين والآخِرين:
﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللهَ (النساء: من الآية 131).

بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .
16- "لأنَّ مَن يتَّقِي اللهَ في عَملٍ؛ يَتَقَبَّلَهُ اللهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا فِي غَيْرِهِ. وَمَنْ لَمْ يَتَّقِهِ فِيهِ؛ لَمْ يَتَقَبَّلْهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مُطِيعًا فِي غَيْرِهِ"[3].
﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ (المائدة: من الآية 27).

بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .
17- التقوىٰ سببٌ لرحمةِ الله جَلَّ جَلَالُهُ، وقد حَقَّقها اللهُ تَعَالَىٰ لِمَن اتَّقاه[4]، وكَتَبَها لهم، أي: "أَوْجَبَ حُصُولَ رحمتِهِ؛ مِنَّةً مِنْهُ، وإحسانًا إليهم"[5]:
﴿وَهَـٰذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (الأنعام: 155).
﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ﴾ (الأعراف: 156).
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (الحجرات: 10).

بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .
18- لأنَّ التَّقِيَّ مَكْسِيٌّ بخــــــــــــــــــــــــــــــيرِ لِباس!
﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ﴾ (الأعراف: من الآية 26).

19- لأنّ مَنِ اتَّقىٰ آمِنٌ يوم القيامة منَ الخوف مما يَستقبِلُ، ومِن الحزنِ علىٰ ما فاته في الدنيا[6]:
﴿يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (الأعراف: 35).

20- لأن المتَّقِين يَفتحُ اللهُ عليهمُ البركاتِ؛ فتُعطيهم السَّمَاءُ قَطْرَهَا، وَالْأَرْضُ نَبْتَها[7]:
﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ (الأعراف: 96).

21- لأنَّ "الْخَيْرَ مِنْ عَوَاقِبِ الْأُمُورِ إنما هُوَ لِمَنِ اتَّقَى اللهَ فَأَدَّىٰ فَرَائِضَهُ، وَاجْتَنَبَ مَعَاصِيَهُ، فَهُمُ الْفَائِزُونَ بِمَا يُؤَمَّلُونَ مِنَ النَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ، وَالظَّفْرِ فِي الدُّنْيَا بِالطِّلْبَةِ"[8]:
﴿قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّٰهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (الأعراف: 128).
﴿تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هٰـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (هود: 49).
﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (القصص: 83).

22- لأن التَّقِيَّ حتىٰ وإنْ وَسْوس له الشيطانُ بجولةِ غشاوة؛ فإنَّ مآلَه إلىٰ دولةِ بصيرة[9]!
﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾ (الأعراف: 201).

يتبع إن شاء الله.. 

الخميس 11 شعبان 1434هـ


[1] - قال العلامة السعدي -رَحِمَهُ اللهُ- في الفوائد المستقاة من قصة يوسف عَلَيْهِ السَّلَامُ:
"أنَّ الله واسع الجود والكرم، يجود علىٰ عبْدِه بخيرِ الدنيا والآخرة.
وأنَّ خيرَ الآخرة له سببان: الإيمانُ والتقوىٰ.
وأنه خيرٌ مِن ثوابِ الدُّنيا ومُلْكِها.
وأنَّ العبدَ ينبغي له أن يَدْعُوَ نَفْسَه ويُشّوِّقَها لِثوابِ الله، ولا يَدَعَها تَحزَنُ إذا رأتْ أهْلَ الدُّنيا ولذَّاتها، وهي غيرُ قادرةٍ عليها، بل يُسَلِّيها بثوابِ اللهِ الأُخْرَوِيِّ، وفَضْلِهِ العظيمِ؛ لِقَولِه تَعَالَىٰ: ﴿وَلَأجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾" اﻫ من "تيسير الكريم الرحمٰن" ص 407.
[2] - "المدهش" لابن الجوزي (ص 301، ط1، 1423، مكتبة الكوثر - الرياض).
[3] - يُنظَر "مجموع فتاوىٰ شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ" (10/ 322).
[4] - قال الحافظ ابن كثير في آية الحجرات: "وهٰذا تحقيقٌ منه -تَعَالَىٰ- لِلرَّحمةِ لِمَنِ اتَّقاهُ" اﻫ مِن "تفسير القرآن العظيم" (7/ 376، ط2، 1420هـ، دار طيبة).
[5] - المصدر السابق (3/ 482) بتصرف.
[6] - قال الحافظ الطبري -رَحِمَهُ اللهُ- في تفسير الآية: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (البقرة: 38):
"وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ يَعْنِي فَهُمْ آمِنُونَ فِي أَهْوَالِ الْقِيَامَةِ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ غَيْرُ خَائِفِينَ عَذَابَهُ، بِمَا أَطَاعُوا اللهَ فِي الدُّنْيَا وَاتَّبَعُوا أَمْرَهُ وَهُدَاهُ وَسَبِيلَهُ، ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ يَوْمَئِذٍ عَلَىٰ مَا خُلِّفُوا بَعْدَ وَفَاتِهِمْ فِي الدُّنْيَا" اﻫ من "تفسير الطبري" (1/ 591، ط دار هجر).
[7] - يُنظَر "تفسير القرآن العزيز" لابن أبي زمنين (2/ 134، ط الفاروق).
[8] - بتصرف يسير من "تفسير الطبري" (12/ 441، ط دار هجر).
[9] - قال شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ: "فَالْمُتَّقُونَ إذَا أَصَابَهُمْ هٰذَا الطَّيْفُ الَّذِي يَطِيفُ بِقُلُوبِهِمْ؛ يَتَذَكَّرُونَ مَا عَلِمُوهُ قَبْلَ ذٰلِكَ؛ فَيَزُولُ الطَّيْفُ، وَيُبْصِرُونَ الْحَقَّ الَّذِي كَانَ مَعْلُومًا وَلٰكِنَّ الطَّيْفَ يَمْنَعُهُمْ عَنْ رُؤْيَتِهِ" اﻫ من "مجموع الفتاوىٰ" (16/ 347).