الإيمانُ بِالْقَدَرِ يَتَضَمَّنُ الإيمانَ بِأربعةِ أشياء - مِن "حاشية ثلاثة الأصول" -

نصّ السّؤال (رسالة الجوّال)
66- الإيمانُ بِالْقَدَرِ يَتَضَمَّنُ الإيمانَ بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاء
ما هي؟
البيان
قال الإمام محمَّد بن عبد الوهَّاب -رَحِمَهُ اللهُ- في بيانِ مرتبةِ (الإيمان):
(وَأَرْكَانُهُ سِتَّةٌ:
1° أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ.
2° وَمَلائِكَتِهِ.
3° وَكُتُبِهِ.
4° وَرُسُلِهِ.
5° وَالْيَوْمِ الآخِرِ.
6° وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ*).
قال الشيخُ عبدُ الرَّحمٰن بن محمَّد بن قاسم رَحِمَهُ اللهُ:
"* أيْ: بِمَا قَدَّرَهُ اللهُ, يَعْنِي: كَتَبَهُ مِنْ خَيْرِ وَشَرٍّ.
والإيمانُ بِالْقَدَرِ يَتَضَمَّنُ الإيمانَ بأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ[1]:
(1) الإيمان بِعِلْمِ اللهِ الْقَدِيمِ؛ فَإِنَّ الرَّبَّ -تَعَالَىٰ- عَلِمَ بِعِلْمِهِ الْقَدِيمِ مَا هُوَ كَائِنٌ.
(2) والإيمان بِأَنَّ اللهَ كَتَبَ مَا عَلِمَ أَنَّهُ كَائِنٌ مِنَ الْعِبَادِ.
(3) والإيمان بِأَنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ, وَأَنَّه مَا فِي السَّمٰواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ حَرَكَةٍ وَلا سُكُونٍ إلا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَىٰ.
(4) وَأَنَّ اللهَ -تَعَالَىٰ- أَوْجَدَ جَمِيْعَ الْخَلْقِ, وَأَنَّ مَا فِي الْكَوْنِ بِتَقْديرِ اللهِ وإِيْجَادِهِ.
فَلا يَصِيْرُ الْمَرْءُ مُؤْمِنًا بِالْقَدَرِ إلا بِالإيمَانِ بِهٰذِهِ الأَرْبَعَةِ الأَشْيَاء, وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّمَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ, وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيْبَهُ[2], وَفِي الأثَرِ[3]:
(مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ؛ أَحْرَقَهُ اللهُ بِالنَّارِ)" اﻫ مِن "حاشية ثلاثة الأصول" ص 86.


[1] - وتسمّىٰ: مراتب الإيمان بالقدر؛ يُنظر "طريق الهجرتين" (ص193، ط 1، 1429 ﻫ، دار عالم الفوائد)، وهي مُفصَّلة في "شفاء العليل" (ص 29).
مراتب الإيمان بالقدر أربع مراتبEmoji
المرتبة
معناها
مِن أدلتها
1. العِلم
أن تؤمن بأن الله تَعَالَىٰ عالم بكل شيء جملة وتفصيلاً فيما يتعلق بفعله الذي يفعله عَزَّ وَجَلَّ بنفسه كالخلق، والإحياء، والإماتة، وإنزال المطر وغير ذٰلك، أو يتعلق بفعل المخلوقين، كأقوال الإنسان، وأفعاله، بل حتىٰ أفعال الحيوان كلها معلومة لله عَزَّ وَجَلَّ قبل وقوعها.
{وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}
2. الكتابة
أن تؤمن بأن الله تَعَالَىٰ كتب مقادير كلِّ شيءٍ قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سَنَة، كتب مقادير كلِّ شيء إلىٰ أن تقوم الساعة، كل شيء في الوجود، أو يكون إلى العدم فإنه مكتوب قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.
{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}
3. المشيئة
أن تؤمن بأن كلَّ كائن وجودًا أو عدمًا فهو بمشيئة الله، وقد أجمع المسلمون علىٰ هٰذا في الجملة، فكلُّ المسلمين يقولون: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
فكلُّ شيء واقع بمشيئة الله، أما ما كان بفعل الله؛ فهو بمشيئته، لا إشكال فيه، كالخَلْق، والرَّزْق، والإحياء، والإماتة، وكذٰلك ما كان مِن فِعلِ المخلوق؛ فهو أيضًا بمشيئة الله.
{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}
4. الخَلق
الإيمان بأنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ خَلَق كلَّ شيء، فنؤمن بعموم خَلْقِ الله تَعَالَىٰ لكلِّ شيء.
{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}
Emoji باختصارٍ مِن "شرح حديث جبريل" للعلامة العثيمين؛ ضمن "مجموع مؤلفاته" (3/ 188 – 196).
[2] - قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ: «لا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّىٰ يُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، حَتَّىٰ يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ». يُنظر تصحيح الوالد -رَحِمَهُ اللهُ- له في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2439).
[3] - ورد في حديثٍ مرفوعٍ رواه الحافظ ابن وهب في "القدر" (26)، وروىٰ نحوَه الحافظُ ابن أبي عاصم في "السُّنُّة" (111)؛ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ أَبَاهُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ لَمَّا احْتُضِرَ سَأَلَهُ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمٰنِ وَقَالَ: يا أَبَهْ! أَوْصِني، قَالَ: أَجْلِسُونِي يَا بَنِيَّ! فَأَجْلَسُوهُ. قَالَ: يَا بُنَيَّ! اتَّقِّ اللَّهَ، ولن تتقِّ (كذا) اللَّهَ تَعَالَىٰ حَتَّىٰ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ تَعَالَىٰ، وَلَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ حَتَّىٰ تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ يُخْطِئُكَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْقَدَرُ عَلَىٰ هٰذَا، مَنْ مَاتَ عَلَىٰ غَيْرِ هٰذَا؛ أَدْخَلَهُ اللهُ تَعَالَى النَّارَ»، وصححه أبي رَحِمَهُ اللهُ بمجموع طرقه؛ "ظلال الجنة" (1/ 50، ط1، 1400ﻫ، المكتب الإسلامي).
الأحد 5 جمادى الأولىٰ 1434ﻫ