لَكُنَّ أفضلُ الجهاد

الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام علىٰ خاتم رسل الله، وعلىٰ آله وصحبه ومَن والاه.
أمَّا بعد
قال الحافظ المنذري رَحِمَهُ اللهُ:

عن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهًا قالت:
قلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَرَى الجِهَادَ أَفْضَلَ العَمَلِ، أَفَلَا نُجَاهِدُ؟ فقال:
«لَكُنَّ[1] أَفْضَلُ الجِهَادِ: حَجٌّ مَبْرُورٌ».
رواه البخاري وغيره، وابن خزيمة في "صحيحه"، ولفظه: قالت:
قلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ عَلَى النِّسَاءِ مِنْ جِهَادٍ؟ قال:
«عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ». 
"صحيح الترغيب والترهيب" (11- كتاب الحج/ 1- الترغيب في الحج والعمرة/ 2/ 5/ ح 1099 (صحيح)).

ومن نواحي كون الحج جهادًا للمرأة في هذا الزمان: بلاءُ تفشي آفة التصوير بالجوالات، فتُجاهِد الحاجّةُ بالتواري عن تلك الأجهزة التي تتمايل بكل الزوايا في أيدي بعض الأُخريات! جهادًا مضاعَفًا:
فهي من جهةٍ تعتقد حُرمةَ تصوير ذوات الأرواح وأنه من كبائر الذنوب. وإذا كان هذا مع التلبُّس بعبادةٍ عظيمة جليلة هي (جهاد) قد لا يتيسر لها تكرارها إلا بعد سنين؛ فهي جهة ثانية وثالثة!
ومن جهة أخرى: فعليها أن تكون بحجابها بل وساترة وجهها حتى في خيمة النساء!
فاللهم! أفرغ على هؤلاء صبرًا وسترًا، وعلى أولئك هُدًى ونُهًى!


الأربعاء غرة ذي الحجة 1438هـ




[1] - اختلفت الروايات في ضبطه، ويتعلق به ضبط (أفضل)، على وجوهٍ، ملخصها:
1. (لكُنَّ أفضلُ الجهاد)؛ لام جر مضافة إلى ضمير المخاطَبة والنون للنسوة؛ شبه جملة في محل رفع خبر مقدم للمبتدأ (أفضل).
2. (لَكِنَّ أفضلَ الجهاد)؛ حرف استدراك من أخوات (إنَّ)، و(أفضل) اسمها منصوب.
3. (لَكِنْ أفضلُ الجهاد)؛ مخففة مهملة، فـ (أفضلُ) مبتدأ.
ينظر " مصابيح الجامع" للدماميني (4/ 39).