ما معنى اسم الله (العفو) وما آثاره؟

نصّ رسالة الجوّال:


ما معنى اسم الله (العفو) وما آثاره؟


ت السعدي


النساء 43


الحج60


الشورى25و26


~~~{~~~


البيان:


قال جَلَّ جَلالُهُ:


]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا[ (النساء 43)


قال العلامة السعدي رَحِمَهُ اللهُ في خاتمة الآية:


"ثم ختم الآية بقوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} أي: كثير العفو والمغفرة لعباده المؤمنين؛ بتيسير ما أمرهم به، وتسهيله غاية التسهيل، بحيث لا يشق على العبد امتثاله، فيحرج بذٰلك.


· ومِن عَفوِه ومغفرته: أنْ رَحِمَ هٰذه الأمةَ بشرع طهارةِ التراب بدل الماء، عند تعذُّر استعماله.


· ومِن عَفوِه ومغفرته: أنْ فَتَحَ للمُذْنِبِين بابَ التوبةِ والإنابةِ، ودعاهم إليه، ووَعَدَهم بمغفرة ذنوبهم.


· ومِن عَفوِه ومغفرته: أنّ المؤمن لو أتاه بِقُرابِ الأرضِ خَطايا ثم لَقِيَه لا يُشرك به شيئًا؛ لأتاه بقُرابها مغفرةً" اﻫ "تيسير الكريم الرحمٰن" ص180



وقال تعالىٰ:


]ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ[ ( الحج:60)



قال مُعلِّمُنا السعديُّ رَحِمَهُ اللهُ في خاتمتها:


"{إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} أي: يعفو عن الْمُذْنِبين، ﻓ :


· لا يُعاجِلهم بالعقوبة.


· ويَغفر ذنوبَهم فيُزيلها.


· ويزيل آثارَها عنهم.


فاللهُ هٰذا وصْفُهُ المستقرُّ اللازِمُ الذَّاتيُّ، ومعامَلتُه لعباده في جميعِ الأوقاتِ بالعَفْو والمغفرة، فينبغي لكم -أيها المظلومون المجنيّ عليهم!- أن تعفو وتصفحوا وتغفروا؛ ليعاملكم الله كما تعاملون عباده {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40]" اﻫ "تيسير الكريم الرحمٰن" ص543



وقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ:


]وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ[ (الشورى: 25 و26)


جاء في تفسير العلامة السعدي لهما:


"هٰذا بياٌن لِكمال كَرَمِ الله تعالىٰ وسعة جودِه وتمام لطفه، بقبول التوبة الصادرة مِن عباده حين يقلعون عن ذنوبهم، ويَندمون عليها، ويعزمون علىٰ أن لا يعاودوها، إذا قصدوا بذٰلك وجهَ ربهم، فإنّ الله يَقبلها بعد ما انعقدت سببًا للهلاكِ ووقوعِ العقوبات الدنيوية والدينية!


{وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ}:


· ويمحوها.


· ويمحو أَثَرَها مِن العيوب، وما اقتضتْه مِنَ العقوبات.


· ويعود التائبُ عنده كريمًا، كأنه ما عمل سوءًا قط.


· ويُحِبُّه ويوفِّقه لِما يقرِّبه إليه.



ولَمّا كانت التوبةُ:


rمِن الأعمال العظيمة، التي:


§ قد تكون كاملةً، بسببِ تمامِ الإخلاص والصِّدق فيها.


§ وقد تكون ناقصةً عند نقصهما.


§ وقد تكون فاسدةً، إذا كان القصدُ منها بلوغ غرض مِن الأغراض الدنيوية.


rوكان محلّ ذٰلك القلب الذي لا يعلمه إلا الله.


خَتَم هٰذه الآية بقوله: {وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} فالله تعالىٰ دعا جميعَ العباد إلى الإنابةِ إليه والتوبة مِن التقصير، فانقسموا -بحسب الاستجابة له- إلىٰ قسمين:


o مستجيبين، وَصَفَهم بقوله: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}


أي: يستجيبون لربهم لَمّا دعاهم إليه، وينقادون له، ويُلبُّون دعْوَتَه؛ لأن ما معهم مِنَ الإيمان والعمل الصالح يَحملهم علىٰ ذٰلك، فإذا استجابوا له:


· شَكَرَ اللهُ لهم، وهو الغفور الشكور.


· وزادهم مِن فضله توفيقًا ونشاطًا على العمل.


· وزادهم مضاعفةً في الأجر زيادةً عمَّا تستحقه أعمالُهم مِن الثواب والفوز العظيم.


o وأما غير المستجيبين لله وهم المعاندون الذين كفروا به وبرسله، ﻓ {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } في الدنيا والآخرة" اﻫ "تيسير الكريم الرحمٰن" ص 758.



^^^