ما هو الْحَيَاءُ؟ ولماذا اعتُبِرَ شُعْبَةً مِنَ الإيمانِ؟ - مِن "حاشية ثلاثة الأصول" -


نصّ السّؤال (رسالة الجوّال)

60- ما هو الْحَيَاءُ؟
ولماذا اعتُبِرَ شُعْبَةً مِنَ الإيمانِ؟

البيان

قال الإمام محمَّد بن عبد الوهَّاب رَحِمَهُ اللهُ:
(الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: الإِيمَانُ.
وَهُوَ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، فَأَعْلاهَا: قَوْلُ: لا إلٰهَ إِلا اللهُ، وَأَدْنَاهَا: إِمَاطَةُ الأَذَىٰ عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ*).
قال الشيخُ عبدُ الرَّحمٰن بن محمَّد بن قاسم رَحِمَهُ اللهُ:
"* أَيْ: بَعْضٌ مِنْهُ، وَإِنَّمَا جَعَلَهُ بَعْضَهُ:
1 لأَنَّ الْمُسْتَحِي يَنْقَطِعُ بِحَيَائِهِ عَنِ الْمَعَاصِي.
2 وَلأَنَّ الإيمَانَ يَنْقَسِمُ إِلَى ائْتِمَارٍ وَانْتِهاءٍ, فَإذا حَصَلَ الانْتِهاءُ بِالْحَيَاءِ؛ كَانَ بَعْضَ الإيمانِ.
وَالْحَيَاءُ مِنْ أَفْضَلِ الأخْلاقِ وأَجَلِّهَا وأَعْظَمِهَا قَدْرًا, بَلْ هُوَ خَاصَّةُ الإنْسَانِيَّةِ, وَفِي الْحَديثِ: «إذَا لَمْ تَسْتَحِ؛ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ»[1].
وَهُوَ: غَرِيزَةٌ يَحْمِلُ الْمَرْءَ عَلَىٰ فِعْلِ مَا يُجَمِّلُ ويَزِيْنُ, ويَمْنَعُهُ مِنْ فِعْلِ مَا يُدَنِّسُ وَيَشِيْنُ" اﻫ مِن "حاشية ثلاثة الأصول" ص83 و84.
~~~~ فائدة ~~~~~~~~~~~
قال الإمام ابنُ قيِّمِ الجوزيّة رَحِمَهُ اللهُ:
"وَهٰذِهِ الشُّعَبُ مِنْهَا مَا يَزُولُ الإيمانُ بِزَوالِهَا، كَشُعْبَةِ الشَّهَادَةِ.
وَمِنْهَا مَا لا يَزُولُ بِزَوالِهَا، كَتَرْكِ إمَاطَةِ الأَذَىٰ عَنِ الطَّرِيقِ.
وَبَيْنَهُمَا شُعَبٌ مُتَفَاوِتَةٌ تَفَاوُتًا عَظِيمًا:
مِنْهَا مَا يُلْحَقُ بِشُعْبَةِ الشَّهَادَةِ، وَيَكُونُ إِلَيهَا أَقْرَبَ.
وَمِنْهَا مَا يُلْحَقُ بِشُعْبَةِ إمَاطَةِ الأَذَىٰ، وَيَكُونُ إِلَيهَا أَقْرَبَ.
وَكَذٰلِكَ الْكُفْرُ ذُو أَصْلٍ وَشُعَبٍ؛ فَكَمَا أَنَّّ (شُعَبَ الإِيمَانِ) إيمَانٌ؛ فَشُعَبُ الْكُفْرِ كُفْرٌ.
وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ، وَقِلَّةُ الْحَيَاءِ شُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِ الْكُفْرِ.
وَالصِّدْقُ شُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِ الإِيمَانِ، وَالْكَذِبُ شُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِ الْكُفْرِ.
وَالصَّلاَةُ وَالزَّكاَةُ وَالْحَجُّ وَالصِّيَامُ مِنْ شُعَبِ الإِيمَانِ، وَتَرْكُهَا مِنْ شُعَبِ الْكُفْرِ.
وَالْحُكْمُ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ شُعَبِ الإِيمَانِ، وَالْحُكْمُ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ شُعَبِ الْكُفْرِ.
وَالْمَعَاصِي كُلُّهَا مِنْ شُعَبِ الْكُفْرِ، كَمَا أنَّ الطَّاعَاتِ كُلَّهَا مِنْ شُعَبِ الإِيمَانِ" اﻫ مِن "الصلاة وحُكم تاركها" (ص 36، ط 1، 1426ﻫ، الرسالة).
الأربعاء 10 ربيع الآخر 1434


[1] - "صحيح البخاري" (3484).