«أن تَبذُل الفضلَ خيرٌ لك، وأن تُمسكه شرٌّ لك، ولا تُلام على كفاف»

الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام علىٰ خاتم رسل الله، وعلىٰ آله وصحبه ومَن والاه
أمَّا بعد
قال الحافظ المنذري رَحِمَهُ اللهُ:
عن أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
«يَا ابْنَ آدَمَ! إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ(1) الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى».
رواه مسلم والترمذي وغيرهما.
__________
[تعليق أبي رَحِمَهُ اللهُ]:
(1) "ضبطه النووي في "شرح مسلم" بفتح الهمزة، قال:
"وَمَعْنَاهُ: إِنْ بَذَلْت الْفَاضِل عَنْ حَاجَتك وَحَاجَة عِيَالِك فَهُوَ خَيْر لَك؛ لِبَقَاءِ ثَوَابه، وَإِنْ أَمْسَكْته فَهُوَ شَرّ لَك؛ لِأَنَّهُ:
إِنْ أَمْسَكَ عَنِ الْوَاجِب؛ اسْتَحَقَّ الْعِقَاب عَلَيْهِ.
وَإِنْ أَمْسَكَ عَنِ الْمَنْدُوب؛ فَقَدْ نَقَصَ ثَوَابُه، وَفَوَّتَ مَصْلَحَة نَفْسه فِي آخِرَته، وَهَذَا كُلّه شَرّ.
وَمَعْنَى (لَا تُلَام عَلَى كَفَاف): أَنَّ قَدْر الْحَاجَة لَا لَوْم عَلَى صَاحِبه، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَتَوَجَّهْ فِي الْكَفَافِ حَقٌّ شَرْعِيّ، كَمَنْ كَانَ لَهُ نِصَابٌ زَكَوِيّ وَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ بِشُرُوطِهَا، وَهُوَ مُحْتَاج إِلَى ذَلِكَ النِّصَابِ لِكَفَافِهِ، وَجَبَ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ الزَّكَاة، وَيُحَصِّلُ كِفَايَتَهُ مِنْ جِهَةٍ مُبَاحَة.
وَمَعْنَى (اِبْدَأْ بِمَنْ تَعُول): أَنَّ الْعِيَال وَالْقَرَابَة أَحَقّ مِنْ الْأَجَانِب".

"صحيح الترغيب والترهيب" (8- كتاب الصدقات/ في بابين: 4- الترهيب من المسألة وتحريمها مع الغنى، وما جاء في ذم الطمع، والترغيب في التعفف والقناعة والأكل من كسب اليد، 15- الترغيب في الإنفاق في وجوه الخير كرمًا، والترهيب من الإمساك والادخار شُحًّا/ 1/ 504، 546/ ح 831 ، 916 (صحيح)).


"الكفاف: ما يكفَّ مِن الرزق عن مسألة الناس، أي يُغني".
هذا الذي تذكره كتب اللغة والشروح.
وقال العلامة السعدي رَحِمَهُ اللهُ:
".. وأما الكفاف من الرزق فهو الذي يكفي العبد، ويكفُّ قلبَه ولسانه عن التشوُّف وسؤال الخلق.." اﻫ من "الفواكه الشهية" 79، ط1، 1414هـ، دار الشريف).
ومِن جميل ما نقله الشيخ عبد العزيز السلمان -رَحِمَهُ اللهُ- وذكر أنه مما يُنسب للإمام الشافعي رَحِمَهُ اللهُ، كما في "موارد الظمآن لدروس الزمان" (2/ 477، ط 30، 1424ﻫ):
يَا لَهْفَ قَلْبِي عَلَى شَيْئَيْنِ لَوْ جُمِعَا * عِنْدِي لَكُنْتَ إِذًا مِنْ أَسْعَدِ الْبَشَرِ
كَفَافِ  عَيْشٍ  يَقِينِي  شَرَّ  مَسْأَلَةٍ * وَخِدْمَةِ الْعِلْمِ  حَتَّى  يَنْتَهِي  عُمُرِي


الثلاثاء 14 شوال 1437ه