لماذا وُصف القرآن بأنه {تَذكرة}؟ ولماذا خصَّ بها {مَن يخشى}؟

نص الرسالة:

لماذا وُصف القرآن بأنه {تَذكرة}؟ ولماذا خصَّ بها {مَن يخشى}؟

ينظر تفسير السعدي

طه:3

~~~~~~~

البيان:

افتُتحت سورةُ طه بالآيات:

]طه * مَا أَنْزَلنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقىٰ * إِلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يخْشىٰ[

قال العلامةُ السّعديّ -رَحِمَهُ اللهُ- في تفسيرها:

"{طه} مِن جملة الحروف المقطَّعة، المفتتَح بها كثيرٌ مِنَ السور، وليست اسمًا للنبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

{مَا أَنزلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} أي: ليس المقصود بالوحيِ وإنزالِ القرآن عليك وشرْعِ الشريعة- لِتشْقىٰ بذٰلك، ويكونَ في الشريعة تكليفٌ يشقُّ على المكلفين، وتعجز عنه قُوى العاملين. وإنما الوحيُ والقرآنُ والشرعُ، شَرَعَهُ الرحيمُ الرحمٰن، وجعله موصِلاً للسعادة والفلاح والفوز، وسهَّله غايةَ التسهيل، ويَسَّر كلَّ طُرقِه وأبوابِه، وجَعَلَه غذاءً للقلوبِ والأرواحِ، وراحةً للأبدان، فتلقَّتْه الفِطَرُ السَّليمةُ والعقولُ المستقيمةُ بالقبولِ والإذعان، لِعِلمها بما احتوىٰ عليه مِنَ الخير في الدنيا والآخرة، ولِهٰذا قال:

{إِلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} إلا ليتذكَّر به مَن يَخشى اللهَ تعالىٰ، فيتذكَّرَ ما فيه:

· مِنَ الترغيبِ إلىٰ أجَلِّ المطالِب؛ فيَعمل بذٰلك.

· ومِنَ الترهيب عنِ الشقاء والخسران؛ فيَرهب منه.

· ويَتَذَكَّر به الأحكامَ الحسَنةَ الشرعيةَ المفصَّلة، التي كان مُستقِرًّا في عَقْلِه حُسْنُها مُجمَلاً، فوافَقَ التفصيلُ ما يَجِدُه في فِطْرَتِه وعَقْلِه، ولِهٰذا سَمَّاه اللهُ {تَذْكِرَةً}، والتذكرةُ لِشيءٍ كان موجودًا، إلا أنّ صاحبَه غافلٌ عنه، أو غيرُ مستحضِرٍ لتَفصيلِه.

وَخَصَّ بالتذكرة {مَن يَخْشَى}؛ لأنّ غَيرَه لا ينتفِعُ به، وكيف ينتفع به مَن لم يؤمِنْ بِجَنَّةٍ ولا نار، ولا في قلبِه مِن خشيةِ اللهِ مثقالُ ذَرَّة؟! هٰذا ما لا يكون، {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الأشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى}[1]" اﻫ . "تيسير الكريم الرحمٰن" ص502







[1] [سورة الأعلىٰ: 10-12]