نصّ رسالة الجوال
6- لماذا يُقَدَّمُ العلمُ على العمل؟
وما الدليل؟
وما وَجْهُ الدّلالة فيه؟
|
البيان
قال الإمام محمَّد بن عبد الوهَّاب رَحِمَهُ اللهُ:
(وَقَالَ البُخَارِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ-: "بَابُ: العِلْمِ قَبْلَ القَوْلِ وَالْعَمَلِ*؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلٰهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ}** (محمَّد:19)، فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ" قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ***).
قال الشيخُ عبدُ الرحمٰن بن محمَّد بن قاسم رَحِمَهُ اللهُ:
"* تَرْجَمَ -رَحِمَهُ اللهُ- بِالبَداءَةِ بِالعِلْمِ؛ لأَنَّ تَعَلُّمَ العِلْمِ الفَرْضِ مُقَدَّمٌ عَلَى القَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْمَرْءِ وَعَمَلَهِ لا يَصْلُحُ إِلا إِذَا صَدَرَ عَنْ عِلْمٍ، وَفِي الْحَدِيثِ:
«مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا؛ فَهُوَ رَدٌّ»[1]، وَقَدْ قِيلَ:
وَكُلُّ مَنْ بِغَيْرِ عِلْمٍ يَعْمَلُ ... أَعْمَالُهُ مَرْدُودَةٌ لا تُقْبَلُ
وَهَلْ تُمْكِنُ عِبَادَةُ اللَّهِ الَّتِي هِيَ حَقُّهُ عَلَىٰ خَلْقِهِ وَخَلَقَهُمْ لَهَا إِلا بِالْعِلْمِ؟!
** اسْتَدَلَّ الْمُصَنَّفُ -رَحِمَهُ اللهُ- بِهٰذِهِ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ عَلَىٰ وُجُوبِ الْبَدَاءَةِ بِالْعِلْمِ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، كَمَا اسْتَدَلَّ بِهَا الْبُخَارِيّ -رَحِمَهُ اللهُ- عَلَىٰ صِحَّةِ مَا تَرْجَمَ بِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَىٰ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرَيْنِ:
بِالعِلْمِ. ثُمَّ بِالْعَمَلِ.
وَالْمَبْدُوءُ بِهِ الْعِلْمُ، فِي قَوْلِهِ: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ}.
ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِالْعَمَلِ، فِي قَوْلِهِ: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}.
فَدَلَّ عَلَىٰ أَنَّ مَرْتَبَةَ الْعِلْمِ مُقَدَّمَةٌ عَلَىٰ مَرْتَبَةِ الْعَمَلِ، وَأَنَّ الْعِلْمَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، فَلا يُعْتَبَرُ إِلا بِهِ، فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمَا؛ لأَنَّهُ مُصَحِّحُ النِّيَّةِ الْمُصَحِّحَةِ لِلْعَمَلِ.
*** حيث قال: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}، ثم قال: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}، ولا يُبْدَأ إلا بالأَهَمِّ فَالأَهَمِّ، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«ابْدَأُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ»[2]" اﻫ مِن "حاشية ثلاثة الأصول" ص21 و22.