الخوفُ مِن الله تعالىٰ شرطٌ في صحّةِ الإيمان -مِن "حاشية ثلاثة الأصول"-

نصّ رسالة الجوّال


31- ما الدليل علىٰ أنّ الخوفَ مِنَ اللهِ شَرْطٌ في صِحَّةِ الإيمان؟
وما هو ضابطُ شِرْكِ الخوفِ؟


البيان

قال الإمام محمَّد بن عبد الوهَّاب رَحِمَهُ اللهُ:
(وَدَلِيلُ الْخَوفِ: قَوْلُهُ تَعَالَىٰ: {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (آل عمران: 175) ).
قال الشيخُ عبدُ الرحمٰن بن محمد بن قاسم رَحِمَهُ اللهُ:
"أَوَّلُ الآيَةِ: {إِنَّمَا ذٰلِكَمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ}[1] يُعَظِّمُهُمْ فِي صُدُورِكُمْ وَيُوهِمُكُمْ أَنَّهُمْ ذَوُو بَأْسٍ، فَنَهَاكُمْ أَنْ تَخَافُوا أَوْلِيَاءَهُ الَّذِينَ خَوَّفَكُمْ إِيَّاهُمْ.
{وَخَافُونِ} في مُخَالَفَةِ أَمْرِي، وَتَوَكَّلُوا عَليَّ؛ فَإِنِّي كَافِيْكُمْ.
{إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} جَعَلَهُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الإِيمَانِ؛ فَكَمَا أنَّهُ إذا دَعَا غَيْرَ اللَّهِ؛ انْتَفَىٰ عَنْهُ الإيمانُ؛ فَكَذٰلِكَ إذا خَافَ غَيْرَ اللَّهِ خَوْفَ السِّرِّ، مِثْلَ أَنْ يَخَافَ أَنْ يَفْعَلَ شِيئًا بِسِرِّهِ، فَإِنَّ الْخَوْفَ أَنْواعٌ، مِنْهَا: خَوْفُ السِّرِّ، فَإذا خَافَ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ فِيمَا لا يَقْدِرُ عَلَيهِ إلا اللهُ؛ فَهُوَ مُشْرِكٌ كَافِرٌ" اﻫ مِن "حاشية ثلاثة الأصول" ص 50 و51.


[1] - قال شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ اللهُ في الآية: "أَيْ: يُخَوِّفُكُمْ بِأَوْلِيَائِهِ، هٰذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ؛ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ وَأَهْلِ اللُّغَةِ كَالْفَرَّاءِ وَغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ: وَاَلَّذِي نَخْتَارُهُ فِي الآيَةِ: يُخَوِّفُكُمْ أَوْلِيَاءَهُ. تَقُولُ الْعَرَبُ: أَعْطَيْتُ الأَمْوَالَ، أَيْ: أَعْطَيْتُ الْقَوْمَ الأَمْوَالَ؛ فَيَحْذِفُونَ الْمَفْعُولَ الأَوَّلَ، قُلْتُ: وَهٰذَا لأَنَّ الشَّيْطَانَ يُخَوِّفُ النَّاسَ أَوْلِيَاءَهُ تَخْوِيفًا مُطْلَقًا، لَيْسَ لَهُ فِي تَخْوِيفِ نَاسٍ بِنَاسٍ ضَرُورَةٌ؛ فَحَذَفَ الأَوَّلَ لأَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودًا" اﻫ مِن "مجموع الفتاوى" (1/ 56).