تقريرُ توحيدِ الأُلوهيّةِ بتوحيدِ الرُّبوبيّة - مِن "حاشية ثلاثة الأصول"-


نصّ رسالة الجوّال


25- بيِّني تقريرَ توحيدِ الأُلوهيّةِ بتوحيدِ الرُّبوبيّة.


البيان

قال الإمام محمَّد بن عبد الوهَّاب رَحِمَهُ اللهُ:
(والرَّبُّ: هو الْمَعْبُود. وَالدَّلِيلُ:
قَوْلُهُ تَعَالَىٰ:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة:21 و22). قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ:
الخَالِقُ لِهٰذِهِ الأَشْيَاءِ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ).
قال الشيخُ عبدُ الرحمٰن بن محمد بن قاسم -رَحِمَهُ اللهُ- في قوله تَعَالَىٰ:
{فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}:
"أيْ: وَمَنْ كَانَ هٰذَا وَصْفَهُ؛ فَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ، لا تَجْعَلُوا لَهُ أندادًا: أَمْثَالاً وَنُظَراءَ بِصَرْفِ شَيْءٍ مِنْ أنواعِ الْعِبادَةِ لَهُمْ، وَأَنْتُمْ:
- تَعْلَمُونَ أَنَّهَا لا تُمَاثِلُهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ. أَوْ كُنْتُم:
- تَعْلَمُونَ تَفَرُّدَهُ بِإِيجادِ الْمَخْلُوقَاتِ، وإِنزالِ الْمَطَرِ، وَجَعْلِ الأرْضِ فِرَاشًا، وَالسَّمَاءِ بِنَاءً، وَأَنَّه لا يَرْزُقُكُمْ غَيْرُه.
يَحْتَجُّ -تَعَالَىٰ- عَلَيهِمْ بِمَا أَقَرُّوا بِهِ وَعَلِمُوهُ مِنْ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ عَلَىٰ مَا جَحَدُوهُ وَأَنْكَرُوهُ مِنْ تَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ؛ فَإِنَّه -تَعَالَىٰ- كَثِيرًا مَا يُقَرِّرُ فِي كِتَابِهِ تَوْحِيدَ أُلُوْهِيَّتِهِ بِتَوْحِيدِ رُبُوبِيَّتِهِ؛ فَإِنَّ تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ هُوَ الدَّليلُ الأَوضَحُ وَالْبُرْهانُ الأَعْظَمُ عَلَىٰ تَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ" اﻫ من "حاشية ثلاثة الأصول" ص45.
ثم علّق -رَحِمَهُ اللهُ- علىٰ عبارة الحافظ ابن كثير رَحِمَهُ اللهُ:
"يَعْنِي: أَنَّ الآياتِ دَلَّتْ عَلَىٰ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ هٰذِهِ الأَشْيَاءَ وَأَوْجَدَهَا مِنَ الْعَدَمِ، عَلَىٰ غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ؛ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ وَحْدَهُ دُونَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شِرْكَةٌ فِيهَا وَلا فِي غَيْرِهَا، وَإِنْ قَلَّ، بَلْ مَنْ سِوَاهُ -تَعَالَىٰ وَتَقَدَّسَ- مَخْلُوقٌ مَرْبُوبٌ مُتَصَرَّفٌ فِيهِ، فَيَكُونُ بِذٰلِكَ أَوَضَحَ بُرْهَانٍ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ وَحْدَهُ دُونَ كُلِّ مِنْ سِوَاهُ، لا إلٰهَ غَيْرُهُ، وَلا رَبَّ سِوَاهُ" اﻫ من "حاشية ثلاثة الأصول" ص45 و46.