بأي آية نُبِّئ عليه الصلاة والسلام وبأي آية أُرْسِلَ؟ -من "حاشية ثلاثة الأصول"-



نصّ السّؤال (رسالة الجوّال)

87- بأيِّ آيةٍ نُبِّئَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وبأيِّ آيةٍ أُرْسِلَ؟

البيان
الحمدُ لله، والصَّلاةُ والسَّلامُ علىٰ خاتم رسل الله، أمّا بعد:
قال الإمامُ محمَّدُ بنُ عبدِ الوهَّاب رَحِمَهُ اللهُ:
(نُبِّئَ بـِ ﴿اقْرَأْ*، وَأُرْسِلَ بـِ ﴿الْمُدَّثِّرُ**)[1].
قال الشيخُ عبدُ الرَّحمٰن بن محمَّد بن قاسم رَحِمَهُ اللهُ:
"*أَيْ: أُنْزِلَ عَلَيْهِ يَوْمَ الإثْنَيْنِ بِلَا خِلَافٍ[2].
وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ فِي رَمَضَانَ بِغَارِ حِرَاءَ صَدْرُ سُورَةِ ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلِقٍ (2) (الْعَلَق).
فَفِيهَا التَّنْبِيْهُ عَلَى ابْتِدَاءِ خَلْقِ الْإِنْسَانِ مِنْ عَلَقَةٍ، وَخُصَّ بِالإِنْسَانِ؛ لِمَا أَوْدَعَهُ مِنْ عَجَائِبِ آيَاتِهِ، وَمِنْ كَرَمِ اللهِ أَنْ عَلَّمَهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ، فَشَرَّفَهُ بِالْعِلْمِ.
وَالْعِلمُ:
تَارَةً يَكُونُ فِي الأَذْهَانِ.
وَتَارَةً يَكُونُ فِي اللِّسَانِ.
وَتَارَةً فِي الْكِتَابَةِ بِالْبَنَانِ.
وَلِهٰذَا قَالَ:
﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) (الْعَلَق)[3].
وَرَجَعَ بِهَا يُرْجِفُ فُؤَادُهُ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيْجَةُ: وَاللهِ! لَا يُخْزِيكَ اللهُ[4].
وَأَخْبَرَتْ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ، فَقَالَ: هٰذَا النَّامُوسُ الأَكْبَرُ الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَىٰ[5].
** أَيْ: بِصَدْرِ سُورَةِ ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ الآيَاتِ، بَعْدَ فَتْرَةِ الْوَحْيِ، وَلَمَّا جَاءَ الْمَلَكُ فَرِقَ مِنْهُ، فَقَالَ: «دَثِّرُونِي»؛ فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، ثُمَّ حَمِيَ الْوَحْيُ وَتَتَابَعَ، وَكَانَ أَوَّلَ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ بَعْدَ فَتْرَةِ الْوَحْيِ، وَحِيْنَئِذٍ شَمَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَاقِ الْعَزْمِ وَدَعَا إِلَى اللهِ" اﻫ من "حاشية ثلاثة الأصول" ص 105 و106.

الأربعاء 5 ذي القعدة 1434


[1] - للحافظ ابن كثير -رَحِمَهُ اللهُ- نحو هٰذه العبارة؛ قال في تفسير أولِ سورةِ (المدَّثِّر): "وَبِهَـٰذَا حَصَلَ الْإِرْسَالُ، كَما حَصَلَ بِالْأَوَّلِ النُّبُوَّةُ" اﻫ مِن "تفسير القرآن العظيم" (8/ 262، ط2، 1420ﻫ، دار طيبة)، ويُنظر "البداية والنهاية" (4/ 42، ط دار هجر).
[2] - سبق أن ذَكَرَ المصنفُ -رَحِمَهُ اللهُ- دليلَ ذٰلك، وهو في "صحيح مسلم" (1162) مما رواه عن أبي قتادة في أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الإثْنَيْنِ؟ فقَالَ: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ -أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ- فِيهِ».
[3] - يُنظر "مجموع فتاوىٰ شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ" (2/ 158).
[4] - مِن حديثِ بدء الوحي في "صحيح البخاري" (3)، "صحيح مسلم" (160).
[5] - متفق عليه مِن حديث عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا "صحيح البخاري" (3)، "صحيح مسلم" (160)، لٰكنْ ليس فيهما وصفُ الناموسِ بالأكبر.