تأويل النصوص التي فيها تجسيد الأعمال؛ ليس من طريقة السلف

الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام علىٰ خاتم رسل الله، وعلىٰ آله وصحبه ومَن والاه.
أمَّا بعد
قال الحافظ المنذري رَحِمَهُ اللهُ:
عن عبدِ الله بن عمروٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما؛ أنَّ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
"الصيامُ والقرآنُ يَشْفَعان لِلعَبدِ يومَ القيامةِ:
يقول الصيامُ: أي ربِّ! مَنَعْتُهُ الطَّعامَ والشَّهوةَ [بِالنَّهارِ]؛ فشفِّعْني فيه.
ويقول القرآن: مَنَعْتُهُ النَّومَ بالليلِ، فشفِّعْني فيه.
قال: فَيُشَفَّعانِ".(1)
رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، ورجاله محتج بهم في "الصحيح".
ورواه ابن أبي الدنيا في "كتاب الجوع" وغيره بإسناد حسن، والحاكم وقال: "صحيح على شرط مسلم".
__________
[تعليق أبي رَحِمَهُ اللهُ]:
(1) أي: يشفّعهما اللهُ فيه ويدخله الجنة.
قال المناوي: "وهذا القول يحتمل أنَّه حقيقة بأنْ يجسد ثوابهما ويَخلق الله فيه النطق ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، ويحتمل أنَّه على ضربٍ من المجاز والتمثيل".
قلت: والأول هو الصواب الذي ينبغي الجزم به هنا وفي أمثاله من الأحاديث التي فيها تجسيد الأعمال ونحوها، كمثل تجسيد الكنز شجاعًا أقرع، ونحوه كثير. وتأويلُ مثل هذه النصوص ليس مِن طريقةِ السلف رضي الله عنهم، بل هو طريقة المعتزلة ومَن سلك سبيلهم مِن الخَلَف، وذلك مما يُنافي أولَ شروطِ الإيمان ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة: 3]، فحذار أنْ تحذو حذوهم، فتضلَّ وتشقى، والعياذ بالله تعالى.
"صحيح الترغيب والترهيب" (9- كتاب الصوم/ 1- الترغيب في الصوم مطلقًا / 1/ 579/ ح 984 (حسن صحيح)).

الأحد 14 رمضان 1437هـ