«إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»

إِنَّ الْحَمْدَ لِلّٰهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ
عن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ -وفي رواية: بِالنِّيَّاتِ-، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَىٰ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَىٰ دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَىٰ مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».
رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي(1).
قال الحافظ: "وزعم بعض المتأخرين أنَّ هٰذا الحديث بَلَغَ مَبْلَغَ التواتُر، وليس كذٰلك؛ فإنه انفرد به يَحيى بنُ سَعيدٍ الأنصاريُّ، عن محمدِ بنِ إبراهيمَ التَّيْميّ(2)، ثم رواه عنِ الأنصاريِّ خَلقٌ كثير، نحو مئتي راوٍ، وقيل: سبعُ مئة راو، وقيل: أكثر من ذٰلك. وقد روي مِن طُرُقٍ كثيرة غيرِ طريقِ الأنصاريِّ، ولا يَصحُّ منها شيء. كذا قاله الحافظُ عليُّ بنُ الْمَدِيْنيِّ وغيرُه مِنَ الأئمة. وقال الخَطَّابيُّ: لا أعلم في ذٰلك خلافًا بين أهل الحديث. والله أعلم(3)".
_____________________
[تعليقات الوالد رَحِمَهُ اللهُ]:
(1) قلت: وكذا قال المؤلف في "إخلاص النية في الجهاد" (12- الجهاد/ 10)، وهو يوهِم أنَّ ابنَ ماجه لم يروِه، وليس كذٰلك، فقد أخرجه في "الزهد" رقم (4227).
(2) قلت: وهو رواه عن عَلْقمة بن أبي وقَّاصٍ اللَّيثيّ عن عُمَرَ بنِ الخَطَّاب، فالحديثُ ليس متواترًا، بل هو مشهور.
(3) قلت: وهو مِن أحاديث الآحاد الصحيحة التي اتفق العلماءُ علىٰ صحَّتها، وتلقَّتْه الأُمّة بالقبول، كما في "شرح الأربعين" للحافظ ابن رجب، فهو يفيد العلمَ واليقين، خلافًا لِما يَجهر به بعضُ الكُتّاب اليوم: إنَّ أحاديثَ الآحاد مطلقًا لا تُفيد العلمَ؛ فإنَّ هٰذا القول علىٰ إطلاقه باطلٌ دون شكٍّ ولا ريب، وبيانُه في رسالتي "وجوبُ الأخذِ بحديث الآحاد في العقيدة". ورسالتي الأخرى: "الحديثُ حُجَّةٌ بنفْسِه في العقائد والأحكام". وهما مطبوعتان.

"صحيح الترغيب والترهيب" (1- كتاب الإخلاص/ 1- الترغيب في الإخلاص والصدق والنية الصالحة/ 1/ 107 و108/ ح 10).


الثلاثاء 29 شعبان 1436هـ