الترهيب مِن ترك التسمية على الوضوء عامدًا

الحمد لله وَحْدَه، والصَّلاة والسَّلام علىٰ مَن لا نبيَّ بَعْدَه، وعلىٰ آله وصحبه ومَن اتبع هديَه.
أمَّا بَعْدُ
قال الإمام أبو بكر بن أبي شيبة رَحِمَهُ اللهُ: ثبت لنا أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
«لَا وضوءَ لِمَن لَمْ يُسمِّ اللهَ» كذا قال(1).
وعن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ».
رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والطبرانيُّ والحاكم، وقال:
"صحيح الإسناد"
قال الحافظ عبد العظيم:
"وليس كما قال؛ فإنهم رووه عن  يَعْقُوبَ بْنِ سَلَمَةَ الليثيِّ عن أَبِيهِ عن أَبِي هُرَيْرَةَ. وقد قال البخاريُّ وغيرُه: "لا يُعرف لسلَمةَ سماعٌ مِن أبي هريرة، ولا ليعقوب سماعٌ مِن أبيه". انتهىٰ.
وأبوه سلمة أيضًا لا يُعرف، ما روىٰ عنه غير ابنه يعقوب؛ فأين شروط الصحة؟!"(2).
وعن رَبَاحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَٰنِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حُوَيْطِبٍ، عَنْ جَدَّتِهِ، عَنْ أَبِيهَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:
«لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ».
رواه الترمذي -واللفظ له- وابن ماجه والبيهقي، وقال الترمذي:
"قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ -يعني البخاريَّ-: أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي هَٰذَا الْبَابِ: حَدِيثُ رَبَاحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَٰنِ، عَنْ جَدَّتِهِ، عَنْ أَبِيهَا"، قال الترمذيُّ: وَأَبُوهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ".
قال الحافظ:
"وفي الباب أحاديث كثيرة لا يَسلم شيءٌ منها عن مقال، وقد ذهب الحسن وإسحاق بن راهويه وأهلُ الظاهرِ إلىٰ وجوب التسمية في الوضوء، حتىٰ إنه إذا تعمَّد ترْكها أعاد الوضوء، وهو روايةٌ عن الإمام أحمد، ولا شكَّ أنَّ الأحاديثَ التي وردت فيها -وإنْ كان لا يَسلم شيءٌ منها عن مقال- فإنها تتعاضد بكثرةِ طُرُقها، وتكتسب قوَّةً. والله أعلم".
________________
[تعليقات الوالد رَحِمَهُ اللهُ]:
(1) يشير المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ- بهٰذا إلىٰ عدم تسليمه بقول ابن أبي شيبة المذكور، ولا وجه لذٰلك عندي؛ فإنّ الثبوت قد يكون بمجموع طُرق الحديث، وهو كذٰلك هنا، كما أشار إلىٰ ذٰلك المؤلف نفسُه عقب الحديث. فتَنَبَّهْ.
(2) قلتُ: لقد أصاب المؤلفُ في هٰذا النقد، وقد تبعه الذهبيُّ في "تلخيص المستدرك" وابن الصلاح والنوويُّ والعسقلانيُّ، إلا أنّ هٰذا الأخير قال بعد أن ساق الأحاديث المروية في الباب:
"وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَجْمُوعَ الْأَحَادِيثِ يُحْدِثُ فِيهَا قُوَّةً تَدُلُّ عَلَىٰ أَنَّ لَهُ أَصْلًا" .
وهٰذا موافق لكلام المؤلف في آخر الحديث الآتي، وهو الحق، وحسَّنه ابن الصلاح وابن كثير، انظر "الإرواء" (1/ 122).

"صحيح الترغيب والترهيب" (4- كتاب الطهارة/ 9- الترهيب مِن ترْكِ التسمية على الوضوء عامدًا/ 1/ 200/ ح 202 - 204 (حسن لغيره/ حسن لغيره/ حسن)).

الأحد 11 رمضان 1436 هـ