تفسيرُ آيةِ كمال دِينِ الإسلام في (سورة المائدة) -مِن "حاشية ثلاثة الأصول"-



نصّ السّؤال (رسالة الجوّال)

98- أَكْبَرُ نِعَمِ اللهِ على هذه الْأُمَّةِ: أنْ أَكْمَلَ لها دِينَها، بيِّني ذٰلك مع الأدلة.

البيان
الحمدُ للهِ رَبَّ العَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَىٰ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىٰ آلِهِ وأصْحابِه وَمَنْ تَبِعَهُمْ بإحْسانٍ إِلىٰ يومِ الدِّينِ. أمّا بعد:
قال الإمامُ محمَّدُ بنُ عبدِ الوهَّاب رَحِمَهُ اللهُ:
(وَكَمَّلَ اللهُ بِهِ الدِّينَ(1)؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ(2) وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي(3) وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا(4) (المائدة: من الآية 3) ). 
_________________________________
قال الشيخُ عبدُ الرَّحمٰن بن محمَّد بن قاسم رَحِمَهُ اللهُ:
"(1) أَي: لَمْ يُتَوَفَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّىٰ أَكْمَلَ اللهُ بِهِ الدِّينَ، وَبَلَّغَ الْبَلَاغَ الْمُبِينَ، حَتَّىٰ قَالَ: «تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إلَّا هَالِكٌ»[1].
(2) هَٰذِهِ الآية لَمْ تَنْزِلْ إلَّا قَبْلَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَمَانِينَ يَوْمًا[2]، نَزَلَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ يَخْطُبُ النَّاسَ[3].
وَهَٰذَا أَكْبَرُ نِعَمِ اللهِ عَلَىٰ هَٰذِهِ الْأُمَّةِ، حَيْثُ أَكْمَلَ لَهَا دِيْنَهَا، فَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَىٰ دِينٍ سِوَاهُ، وَلَا إِلَىٰ نَبِيٍّ غَيْرَ نَبِيِّهِمْ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ تَعَالَىٰ
 ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا (الأنعام: مِن الآية 115)، أَي: صِدْقًا فِي الْأَخْبَارِ، وَعَدْلًا فِي الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي.
وَفِيهَا بَيَانُ أَنَّ اللهَ أَكْمَلَ لَنَا الدِّينَ، وَإِنَّهُ كَمُلَ مِنْ جَمِيعِ وُجُوهِهِ، وَالْكَامِلُ لَا يُزَادُ فِيْهِ، وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ، وَلَا يُبَدَّلُ، قَالَ تَعَالَىٰ:
﴿لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ (الأنعام: مِن الآية 115)، فَمَنِ ادَّعَىٰ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَىٰ زِيادَةٍ؛ فَقَدْ كَذَبَ وَافْتَرَىٰ وَرَدَّ مَدْلُولَ هَٰذِهِ الْآيَةِ وَمَدْلُولَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»[4].
(3) لَمَّا أَخْبَرَ تَعَالَىٰ أَنَّهُ أَكْمَلَ لَنَا الدِّيْنَ، وَهُوَ أَكْبرُ نِعْمَةٍ عَلَيْنَا؛ قَالَ: ﴿وَأَتْمَمْتُ، أَي: أَكْمَلْتُ ﴿عَلَيكُمْ نِعْمَتِي، وَمَنْ تَمَّتْ عَلَيْهِ النِّعْمَةُ؛ فَقَدْ أَفْلَحَ كُلَّ الْفَلَاحِ.
(4) أَي: فَارَضُوهُ أَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّهُ الدِّيْنُ الَّذِي أَحَبَّهُ وَرَضِيَهُ، وَبَعْثَ بِهِ أَفْضَلَ الرُّسُلِ، وَأَنْزَلَ بِهِ أَشْرَفَ كُتُبِهِ.
قَالَ كَعْبٌ: (لَوْ نَزَلَتْ هَٰذِهِ الْآيَةُ عَلَىٰ غَيْرِ هَٰذِهِ الْأُمَّةِ؛ لَاتَّخَذُوا الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ عَلَيهِمْ فِيْهِ عِيدًا)[5].
قَالَ عُمَرُ: (نَزَلَتْ يَوْمَ جُمُعَةٍ، يَوْمَ عَرَفَةَ، وَكِلَاهُمَا -بِحَمْدِ اللهِ- لَنَا عِيْدٌ)[6].
وَكَذَا قَالَ حَبْرُ الْأُمَّةِ[7]" اﻫ مِن "حاشية ثلاثة الأصول" ص 121 و122.
_________________________________


آيةُ المائدةِ في كمالِ الدِّين: ردٌّ علىٰ عدَّةِ طوائف

قال الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله:
"وفي هٰذه الآية شهادةٌ مِن الله سبحانه وتعالىٰ علىٰ:
كمالِ هٰذا الدِّين.
وشمولِه لمصالحِ العِباد، وحلِّ قضاياهم ومشاكلهم إلىٰ أن تقوم الساعة.
وهو صالحٌ لكلِّ زمان ومكان، لا يحتاجون بَعده إلىٰ شريعةٍ أخرىٰ، أو إلىٰ كتابٍ يُنزَّل أو إلىٰ رسولٍ يُبعث بَعد الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فما مِن قضيةٍ تَجِدُّ، وما نازلة تَنزل إلىٰ يوم القيامة إلَّا وفي شريعةِ محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلُّها والحُكْم فيها، ولٰكن الشأن فيمن يُحسِن الاستنباطَ والاستدلالَ في الأحكام والقضايا، فإذا توفَّر أهلُ العلمِ وأهلُ الاجتهاد الذين تتوفَّر فيهم شروطُ الاجتهاد؛ فإنَّ هٰذه الشريعةَ كاملةٌ، وفيها حلُّ المشاكلِ كلِّها، وإنما يَحْصل النقصُ مِن ناحِيتِنا نحن:
مِن ناحيةِ قصورِ العلمِ، وعدمِ إدراكِ ما أَنزل اللهُ سبحانه وتعالىٰ.
أو مِن ناحية الهوىٰ، بأنْ يكون هناك هوًى يَصرِف عن الحق.
وإلَّا فهٰذا الدِّينُ صالحٌ وشاملٌ وكاملٌ، قد أغنى اللهُ به الأُمَّةَ الإسلاميةَ إلىٰ أن تَقوم الساعةُ إذا ما عَمِلتْ به حَقَّ العمل، ورجعتْ إليه في أمورها.
قال تعالىٰ: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ (النساء: من الآية 59):
الرَّدُّ إلىٰ الله: هو الرَّدُّ إلىٰ كتاب الله.
والرَّدُّ إلى الرسول بعد وفاته: هو الرَّدُّ إلىٰ سُنَّته. قال تعالىٰ: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إلىٰ اللهِ (الشورىٰ: من الآية 10).
فهٰذه الآيةُ فيها ردٌّ على الذين يَرمون الشريعةَ الإسلاميةَ بالقصورِ أو النقصِ، مِن الْمَلاحِدةِ والزَّنادقةِ أو أنصافِ المتعلِّمين الذين قَصُرتْ أفهامُهم عن إدراكِ أسرارِ هٰذه الشريعة، فنَسَبوا القصورَ إلى الشريعة، ولم يَعلموا أنَّ القصور مِن عندهم هم، ففيها ردٌّ علىٰ:
مَن اتَّهم الشريعةَ بالنقص، وأنها لم تتناولْ حاجاتِ العِباد ومصالحَ العبادِ إلىٰ أن تقوم الساعة.
أو قال: إنها مخصوصةٌ بالزمان الأول؛ لأنَّ كثيرًا مِن الجُهَّال إذا قيل لهم: هٰذا الحُكم الشرعيّ؛ قالوا: (هٰذا زمانُ الرسولِ والزمانُ الأول، أمَّا الآن؛ تَغيَّرت الأحوالُ وتبدَّلت الأمور، والأحكامُ الشرعية هٰذه لِأناسٍ مَضوا ولِمشاكلَ انتهت)، يقولون هٰذا، وهٰذا كُفْرٌ بالله عَزَّ وَجَلَّ، وتكذيبٌ لِقوله تعالىٰ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، أَكمل اللهُ الدِّينَ لهٰذه الأُمَّة إلىٰ أن تقوم الساعةُ، لكلِّ زمانٍ، ولكلِّ مكانٍ، ولكلِّ جيلٍ مِن الناس.
وفيها ردٌّ -أيضًا- على المبتدعة الذين يُحْدِثون عبادةً مِن عند أنفسِهم، وينسبونها إلى الدِّين، وليس لها دليل مِن كتابِ الله وسُنَّة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما ابتدعوها: 
باستِحسانهم.
أو بتقليدهم لِمَن يُحْسِنون به الظنَّ مِن الْمُخَرِّفين وأصحابِ المطامع والشهوات.
 فيُحْدِثون في الدِّين عبادةً ما أَنزل اللهُ بها مِن سلطان! وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَٰذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ؛ فَهُوَ رَدٌّ»[8]. وقال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
«وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»[9].
فالذي يُحْدِث عباداتٍ ليس لها دليلٌ مِن كتابِ الله ولا مِن سُنَّةِ رسولِ الله؛ فإنه متَّهِمٌ لِهٰذا الدِّين بِعَدمِ التمام، وهو يريد أن يُكمل الدِّين مِن عنده، ولا يَعترف بتكميلِ الله له، فما لم يكن دِينًا في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه لا يكون مِن بَعده دِينًا أبدًا[10].
فهٰذا رَدٌّ علىٰ هٰذه الطوائف:
- الطائفة التي تقول: إنَّ الإسلامَ لا يَصلح لكلِّ زمان.
- أو الذين يَبتدعون البدعَ المحدَثات التي ليس لها دليلٌ مِن كتابِ الله وسُنِّةِ رسِوله، وينسبونها إلى الدِّين.
ففي هٰذه الآية رد عليهم؛ لأنَّ الدِّين أَكمله اللهُ سبحانه وتعالىٰ:
·      فلا مجال للزيادة فيه.
·      ولا النقصان.
·      ولا مجال للتشكيك والتلبيس بأنه لا يصلح لأهل الزمان المتأخِّر:
﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ هٰذا كلامُ اللهِ سبحانه وتعالىٰ، وهو أصدق القائلين. وقال تعالىٰ:
﴿وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا هٰذا آخِر ما نزل على النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو شهادةٌ مِن ربِّ العالمين لهٰذا الدِّين بالكمالِ والشُّموليّةِ والصَّلاحيّةِ لكلِّ زمانٍ ومكان.
فقولُه تعالىٰ خطابٌ لهٰذه الأُمَّةِ مِن أوَّلها إلىٰ آخرها، ليس خطابًا لِلجيل الأول فقط، إنما هو خطابٌ لكلِّ الأُمَّة إلىٰ أن تقوم الساعة" اﻫ مِن "شرح الأصول الثلاثة" (ص 211 - 213 ، ط دار الإمام أحمد).

الأربعاء 25 ذي الحجة 1434


[1] -  رواه الحافظ ابن ماجه وغيرُه، ولٰكنْ ليس فيه كلمة (المحجَّة)، علىٰ شِدةِ شيوعِها، حتىٰ في سياق ذِكر الحديث، سواء في ذٰلك: حديثُ الْعِرْبَاضَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ونصُّه: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ؛ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ، حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ»، وصحَّحه أبي -رَحِمَهُ اللهُ- في "الصحيحة" (937).
وحديثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ونصُّه: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَذْكُرُ الْفَقْرَ وَنَتَخَوَّفُهُ، فَقَالَ: «آلْفَقْرَ تَخَافُونَ؟! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَتُصَبَّنَّ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا صَبًّا، حَتَّىٰ لَا يُزِيغَ قَلْبَ أَحَدِكُمْ إِزَاغَةً إِلَّا هِيهْ، وَايْمُ اللهِ! لَقَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَىٰ مِثْلِ الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا سَوَاءٌ»، وحسّنه أبي -رَحِمَهُ اللهُ- في "الصحيحة" (688).
[2] - روىٰ ذٰلك الحافظ الطبريّ عن ابن جريج؛ "تفسير الطبري" (8/ 81، ط دار هجر).
[3] - عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ "أَنَّ الْيَهُودَ، قَالُوا لِعُمَرَ: إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ آيَةً، لَوْ أُنْزِلَتْ فِينَا؛ لَاتَّخَذْنَا ذَٰلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي لَأَعْلَمُ حَيْثُ أُنْزِلَتْ، وَأَيَّ يَوْمٍ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ أُنْزِلَتْ: أُنْزِلَتْ بِعَرَفَةَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ" متفق عليه؛ "صحيح البخاري" (4407)، "صحيح مسلم" (3017).
[4] - رواه الإمام أحمد وغيره، وصحَّحه أبي رَحِمَهُمُ اللهُ؛ "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2735).
[5] - رواه بنحوه الحافظ ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8/ 87، ط دار هجر)، والحافظ الطبراني في "الأوسط" (3900).
وقال الحافظ ابن حجر في شرحِ حديثِ عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- في "البخاري" (45): "أَنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ؛ لَاتَّخَذْنَا ذَٰلِكَ اليَوْمَ عِيدًا" الحديث -وسبق ذِكرُ روايةٍ له قريبًا-:
"هَٰذَا الرَّجُلُ هُوَ كَعْبُ الْأَحْبَار، بَيَّنَ ذَٰلِكَ مُسَدَّدٌ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَالطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيره" وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَط"، كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَة عَنْ عُبَادَةَ بْن نُسَيٍّ -بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَة- عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ خَرَشَةَ عَنْ قَبِيصَةَ* بْن ذُؤَيْبٍ عَنْ كَعْبٍ. وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْمَغَازِي مِنْ طَرِيق الثَّوْرِيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ "أَنَّ نَاسًا مِنَ الْيَهُود"، وَلَهُ فِي التَّفْسِير مِنْ هَٰذَا الْوَجْه بِلَفْظِ: "قَالَتِ الْيَهُودُ"، فَيُحْمَلُ عَلَىٰ أَنَّهُمْ كَانُوا حِين سُؤَالِ كَعْبٍ عَنْ ذَٰلِكَ جَمَاعَةً، وَتَكَلَّمَ كَعْبٌ عَلَىٰ لِسَانهمْ" اﻫ من "فتح الباري" (1/ 129 و130، ط 3، 1407ﻫ، المطبعة السلفية).
*(إِسْحَاقَ بْنِ خَرَشَةَ عَنْ قَبِيصَةَ) قد بيَّن محقِّقو "تفسير الطبري" (8/ 87، ط دار هجر) أنّ صوابَه: إسحاق بن قَبِيصَةَ. وهو كذٰلك في "الأوسط" (830 و3900).
[6] - "تفسير الطبري" (8/ 87، ط دار هجر)، وهو تتمة حديث كعب السابق. وروى الحافظ الطبراني في "الأوسط" (830) نحوه.
[7] - روى الترمذي عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ قال: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاس: ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا﴾، وَعِنْدَهُ يَهُودِيٌّ فَقَالَ: لَوْ أُنْزِلَتْ هَٰذِهِ عَلَيْنَا لَاتَّخَذْنَا يَوْمَهَا عِيدًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي يَوْمِ عِيدَيْنِ: فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، وَيَوْمِ عَرَفَةَ).
[8] - متفق عليه؛ "صحيح البخاري" (2697)، "صحيح مسلم" (1718).
[9] - رواه الإمام أحمد وغيره وصحَّحه أبي رَحِمَهُمُ اللهُ؛ "الصحيحة" (2735).
[10] - "قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: " مَنِ ابْتَدَعَ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةً يَرَاهَا حَسَنَةً؛ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَانَ الرِّسَالَةَ؛ لِأَنَّ اللهَ يَقُولُ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، فَمَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا؛ فَلَا يَكُونُ الْيَوْمَ دِينًا" اﻫ من "الاعتصام" للشاطبي (1/ 65 و66، ط1، 1429، دار ابن الجوزي).